أتمني ألا يكون قرار ايقاف مذيع التليفزيون المصري "جورج رشاد" من عمله ببرنامج "صباح الخير يا مصر" صحيحاً وأتمني ألا يقصي هذا المذيع الشجاع من عمله ويحرم من الظهور علي الهواء فهو لم يرتكب جريمة تستدعي العقاب وتوجيه الشكر لرئيس سابق علي دوره في حرب تاريخية مثل حرب أكتوبر تصرف فرضته الأمانة الإعلامية والحرفية المهنية وليس خروجاً علي النص لأن التاريخ يؤكد ان للمشكور دورا واضحا في حرب أكتوبر وإغفال ذلك خروج علي الأمانة التي ينبغي أن نحرص جميعا عليها إذا كان لنا مصداقية.
جورج رشاد لا أعرفه ولكني احترمته عندما استمعت إلي فقرة شكره للرئيس الأسبق مبارك علي دوره في حرب أكتوبر باعتباره صاحب الضربة الجوية التي كرمه عليها الرئيس السادات في مجلس الشعب وصفق له ممثلو الشعب في هذا الوقت تصفيقا حارا وهم وقوف والمذيع لم يختلق موقفا لكي يوجه التحية لمبارك بل جاء ذلك في سياق شكره للرؤساء السابقين فعبدالناصر كان له دور في حرب الاستنزاف وتهيئة الأجواء لحرب أكتوبر والسادات صاحب قرار الحرب التي أعادت للمصريين كرامتهم ومبارك صاحب الضربة الجوية التي كانت خير بداية لحرب أهدرت كرامة الاسرائيليين وفرضت عليهم أن يستجيبوا وهم صاغرون لنداء السلام وأن يخرجوا من بقية الأرض المصرية التي دنسوها لسنوات.
لا علاقة لما قاله المذيع بقضية فساد مبارك وأولاده بعد ذلك فهذه نقرة وتلك نقرة أخري ولكل حدث حديث ولكل إنسان ما له وما عليه والعدالة تفرض علينا أن نذكر ما قدمه مبارك في حرب أكتوبر.. وأن نعاقبه علي ما ارتكب من فساد وما صدر عنه من تجاوزات.
ثم.. ما العقاب الذي تم إيقاعه علي مبارك وأسرته بعد سنوات من المحاكمة التي تابعها الملايين من المصريين وغيرهم علي الهواء؟ وما هي الأموال التي تم استردادها من أسرة مبارك بعد اتهامهم بالحصول علي مليارات بدون وجه حق؟ وما هي العقوبة التي وقعت علي ولديه "علاء وجمال" بعد اتهامهما باستغلال النفوذ والتربح من موقع والدهما كرئيس للجمهورية؟ وأين علاء وجمال الآن؟ انهما طلقاء أحرار يعيشان حياتهما بكل حرية ويستمتعان بما لديهما من أموال وممتلكات ولم يتم استرداد جنيه أو دولار واحد منهما. كما لم يتم مصادرة أي من ممتلكاتهما العقارية.
***
ليس من مصلحة مصر تزوير تاريخها وتشويهه بالصورة التي يحاول البعض الترويج لها انتقاما من مبارك والشعوب المتحضرة التي نتغني نحن بتحضرها ورقيها وحرياتها تعطي لكل إنسان حقه وتذكر ما له وما عليه.. ثم ان مصر علي المستوي الرسمي والشعبي لم تنتقم من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي ومازال أتباع الجماعة ينتشرون في كل مواقع العمل في مصر ومنهم عناصر في التليفزيون المصري نفسه وفي كل الصحف المصرية ـ قومية وخاصة ـ صحفيون من أنصار جماعة مرسي يكتبون بكل حرية ويزاولون أعمالهم ويحصلون علي رواتبهم ومخصصاتهم وبعضهم يمارس بلطجة وتحريضاً كل يوم علي مواقع التواصل الاجتماعي ولم يفكر أحد في منعه من عمله بسبب هويته الإخوانية.
هذه هي مصر التي أكدت انها أكثر حرية وديمقراطية وعدالة من تركيا التي أطاح رئيسها بكل المعارضين له واعتمد نظامه علي الشائعات والدسائس والظنون وأقصي الآلاف من القضاة والإعلاميين وقادة الجيش والأطباء والمدرسين وأساتذة الجامعات وموظفي الدولة في كثير من المواقع لمجرد الشك في قناعتهم بأفكار المصلح الديني والاجتماعي "عبدالله جولن" الذي يعيش في منفاه الإجباري بأمريكا بعد أن أسهم في الترويج لحزب أردوغان وصنع جماهيريته.
مصر ليست تركيا يا سادة لكي يقصي فيها إعلامي قال عبارتين عن رئيس سابق وذكر حقيقة تاريخية مثبتة ويستطيع أي طفل صغير أن يستدعيها في ثوان من "جوجل" أو "يوتيوب" ويشاهد كيف كرم الرئيس السادات مبارك في مجلس الشعب باعتباره صاحب الضربة الجوية الأولي.
لقد سبق ورفع اسم مبارك من فوق منشآت ومرافق حيوية كان له دور كبير في إنشائها مثل مترو الأنفاق وأكاديمية الشرطة وغيرهما وقلنا لا بأس تهدئة للشباب الغاضب والثائر.. لكن الأمر في حرب أكتوبر يختلف كثيراً فالحقائق التي ذكرها الرئيس السادات بنفسه ان حسني مبارك "صاحب أول ضربة جوية" ولذلك لا ينبغي التنصل من دور مبارك في الحرب عقب ثورتي 25 يناير و30 يونيو.. ان منهج التاريخ للثانوية العامة الذي تم تعديله مؤخراً تم الإشارة فيه إلي خروج الشعب علي مبارك في سياق سرد أحداث ووقائع ثورة 25 يناير فجاء في إحدي صفحاته ان الرئيس مبارك كان يستعطف الشعب حتي يظل في مكانه وجاء نص العبارة "تسارعت الأحداث وأصر مبارك علي البقاء وأصدر بيانا يحاول من خلاله استدرار العطف عليه لكنه تنحي عن الحكم بعد 18 يوماً من الثورة".
وكما ذكرنا ذلك لأبنائنا من باب الأمانة التاريخية كان ينبغي أن نذكر دور مبارك بوضوح في حرب أكتوبر.
أرجوكم لا تشوهوا تاريخ مصر بتصرفات صغيرة.. اعطوا مبارك حقه في حرب أكتوبر.. وحاسبوه علي فساده وإهماله في إدارة شئون الوطن كما تشاءون.