الجمهورية
فريد إبراهيم
الهجرات التي تغير التاريخ "8"
لا يخرج التاريخ البشري عن مجموعة من الهجرات المتواصلة سواء أكانت هجرات لأفراد غيرو التاريخ أو هجرات لجماعات أحدثوا نفس الشيء وغيروا الجغرافيات سواء في ذلك إن كانت الهجرة عفوية أو منظمة أو اضطرارية يتدافع إليها أصحابها دفعاً أو ترتبها حكومات وجيوش.
كان البحث عن الماء والكلأ أصل معظم الهجرات التي تكونت علي أثرها أمم ودول وامبراطوريات وتحارب البشر وتقاتلوا وتصالحوا أحياناً واعتقد ان الماء والكلأ لازالا حتي يومنا هذا هما سر الصراع البشري الذي نعيشه كل لحظة تراق من أجله الدماء.
وتعتبر من الهجرات الاشهر بالنسبة لنا ولمنطقتنا هي هجرة سيدنا إسماعيل عليه السلام أبي العرب وأمه هاجر إلي حيث لا زرع ولا ماء ولا بشر علي عكس كل الأهداف الطبيعية لاغلب الهجرات إن لم تكن كلها فبدلا من ان يبحث سيدنا إبراهيم لولده وأمه عن رفاهية تناسب زمانهم وتتمثل في الحفاظ علي الحد الأدني من أسباب الحياة ذهب بهما إلي حيث يموت البشر بالحسابات المنطقية ولا حيث لا يطيق كائن أن يقيم وبدلاً من أن يموتا امتلأت المنطقة هذه حياة بل صارت محط الأنظار والأفئدة لملايين البشر من العالم اجمع وبدلا من ان يعاني المكان من الزحام عليه وإليه أصبحت تجبي إليه ثمرات كل شيء كما ذكر القرآن مذكراً قريشاً بهذه النعمة يقول تعالي: "وقالوا إن تتبع الهوي معك نتخطف من أرضنا أو لم نمكن لهم حرماً أمناً يجبي إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلاً".
ان معادلة الايمان اليقيني في مواجهة الشك والتردد فالايمان الخالص الذي لا يغامره شك يدفع أصحابه إلي الله والله فقط حتي ولو بدت حولهم الشكوك وبدت الشواهد تؤكد الخطر إلا ان الثابتين علي مبادئهم من الالتزام بقيم الإسلام مهما دعاهم داعي الانحراف وزين لهم الفوز إذا ما تهاونوا في دينهم وخلقهم وأخلاقهم.. اقول ان الثبات واليقين يغير ما لا يتصور احد تغييره ويفك ما لا يظن أحد ان يحل وكأني بأم موسي التي فعلت اشبه بما فعله سيدنا إبراهيم حيث القت رضيعها في الخطر نفسه الموت المحقق لأن يقينها لا يتزعزع من أن هناك من يحميه يقول تعالي : "وأوحينا إلي أم موسي ان أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم".
إننا في حاجة إلي زراعة هذا اليقين في أمرين مهمين في حتمية الاجتهاد وحتمية تعويل النتائج علي رب النتائج ورغم سهولة القول إلا ان صعوبة التنفيذ كأشد ما تكون الصعوبات لأنك في ذلك تحتاج إلي تغيير قلوب وتحويلها بالتنقية ثم التحلية التي تنيرها فلا يري صاحبها إلا الله فتتحقق الهجرة المنشودة التي علي غرار هجرة إسماعيل وعلي غرار سلوك أم موسي وعلي غرار يقين سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم بأن هذا الدين سيبلغ ما بلغ الليل والنهار.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف