الجمهورية
شكرى القاضى
"في ذكري الهجرة" .. حديث للإمام الشعراوي
** الأحد الفائت شاهدت مجدداً فيلم "الرسالة" الذي تناول أعظم حدث شهدته البشرية في تاريخها عندما بزغ فجر الإسلام علي الكون.. عرض الفيلم علي أكثر من قناة فضائية بمناسبة حلول ذكري الهجرة النبوية المشرفة من أم القري إلي المدينة ورغم الأحداث الجسام التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية. فقد استبشرت خيراً عندما شرعت في الربط بين حدث الهجرة في حينه وما يواجهه المسلمون من كوارث بعد مرور حوالي أربعة عشر قرنا من الزمان. فقد تثبت يقيني بأن حدث الهجرة كان منحة إلهية وليس محنة بشرية فلم تكن "الرسالة" بشرية كما اعتقد كفار قريش وإلا لتمكنوا من الرسول ولم يعد هناك إسلام ولا مسلمين.. هكذا تحاورت مع نفسي وطرحت عليها السؤال المستحيل: ماذا لو فشلت هجرة الرسول؟وهل كانت الحياة ستستمر بعدها؟ ولماذا بعث الرسول في مكة التي تكالبت عليه وأرادت قتله ولم يبعث في المدينة التي نصرته وشهدت تأسيس أمته التي وصفها المولي عز وجل في كتابه بأنها خير أمة أخرجت للناس..؟
- وأظن انها تساؤلات مشروعة قد تطرأ علي أذهان الكثيرين مسلمين وغير مسلمين في كل زمان ومكان ويحضرني حديث متفرد للإمام محمد متولي الشعراوي بالمسجد الحسين قبل أربعين عاما بالتمام والكمال بمناسبة الاحتفال بالذكري المشرفة.. يومها كنت في زيارة لأحد أصدقائي وعندما هممت بالانصراف نبهني صديقي بضرورة الاستماع إلي حديث وزير الأوقاف مؤكدا لي أني سوف أستفيد كثيراً ويالها من استفادة فقد جلسنا سويا نستمع إلي الإمام - الوزير - فإذا بي أمام داعية قلما يجود الزمان بمثله وما هي إلا دقائق حتي وجدتني خارج نطاق الزمان والمكان. فقد نجح الشيخ وباقتدار أن ينتقل بنا في التو واللحظة إلي أحداث ذلك اليوم المشهود في تاريخ الإسلام.
.. ولا يختلف اثنان علي أن العلامة الشيخ محمد متولي الشعراوي أحد الأئمة القلائل الذين ساروا علي هدي السلف الصالح الذين تمكنوا من ناصية لغة الضاد وأسهموا في كشف أسرارها فإذا تحدث أصاب وإذا تطرق إلي تفسير القرآن الكريم سلب العقول والأذهان وكأنه ملاكا يفسر القرآن بلسان بشر - طيب الله ثراه - ودعوني استعيد عبارات مستهل حديثه. قال الإمام: "الحمد لله حمد العبودية بصدق للربوبية الحق. والصلاة والسلام علي سيدنا محمد أذن الخير التي استقبلت آخر رسالات السماء لهدي الأرض. ولسان الصدق الذي بلغ عن الله. فكان بحق مسك الختام للأنبياء والمرسلين".. ودعونا نتوقف أمام عبارة الختام التي اهتز لها الوجدان فقد اختتم الإمام حديثه قائلا: "لنعلم أن الله لا يتغير من أجلنا ولكن يجب أن نتغير نحن من أجل الله".. وما بين كلمات الاستهلال وكلمات الختام أجاب الإمام عن كافة التساؤلات حول الهجرة النبوية المشرفة علي مدار 35 دقيقة صوت وصورة - أشار خلالها إلي أسباب التفكك في الأمة الإسلامية علي وجه الخصوص وأسباب التسيب في كل أمور الحياة عموما مؤكدا أن العبرة من الهجرة النبوية تكمن في الالتزام بمنهج الله بعد أن تقطعت بنا الأسباب البشرية فإذا قال تعالي افعل لأن في ذلك خير ولا تفعل لأن في ذلك دفع للشر فيجب أن نلتزم ونخضع لمنهاج الله لأن آفة الحياة أن يستعبد الهوي الدنيوي الانسان وقانون السماء أحق أن يتبع حتي تستقيم الحياة وترتفع رايات الإسلام مجدداً.
** آخر الكلام :
كانت الهجرة النبوية المشرفة حدثا فاصلا بين مرحلتين الأولي هي الدعوة بامتداد ثلاثة عشر عاما في مكة والثانية وهي بناء الدولة وتفعيل التشريعات والأحكام في عشرة أعوام.. جدير بالذكر ان الرسول - صلي الله عليه وسلم - قد غادر مكة إلي المدينة وكان في الثالثة والخمسين من عمره واستغرقت رحلته المباركة أسبوعين بالتمام والكمال وطبقا للتقاويم المتاحة فقد غادر مكة يوم الخميس السابع والعشرين من صفر الموافق 13 سبتمبر عام 622م ووصل إلي المدينة المنورة يوم الجمعة الموافق الثاني عشر من ربيع الأول سنة "1" هجرية ليقيم دولة الإسلام القائمة علي العدل والحرية واحترام حقوق الإنسان.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف