المصريون
رضا محمد طه
الذهب في غير موضعه
منذ أيام أخبرتنا وسائل الأعلام عن تعيين العالم الجليل الدكتور مصطفي السيد رئيساً لمجلس إدارة المؤسسة العلمية "زويل" للأبحاث العلمية، هذا العالم المصري-الأمريكي له تاريخ علمي مرموق وإنجازات في تخصصه، وتحمس الرجل لتطبيق علاج السرطان بجزيئات النانو من عنصر الذهب والتي أعطت نتائج مبشرة عن حيوانات التجارب، لكن لقيت معارضة من قبل بعض العلماء المصريين المتخصصين بمجرد التفكير في تطبيقها علي المصريين، وأصبحت تلك الفكرة طي النسيان. كل التقدير لهذا الرجل، حينما نفكر لماذا هذا الرجل الجليل بالذات؟ علماً بأنه قضي فترة طويلة من عمره خارج مصر في معامل وجامعات أمريكا وهذه بالتاكيد مميزات وإضافة له ولبلده الأم مصر، لكن بالتاكيد تغلب عليه سلوكيات الأمريكان وتغييب عنه الكثير من طباع المصريين التي منها الجيد وفيها أيضاً من السلبيات أبسطها الفهلوة والتحزبات والتربيطات-الشللية-داخل أي مؤسسة، هذا بالإضافة الي تسلط وإستبداد الكبار بالصغار وهدم أحلامهم والوساطة والمحسوبية، فهل سيؤثر الرجل بطباعه الأمريكية علي من يعمل تحت رئاسته؟ أم سيكتسب كل ما ذكرناه من سلبيات؟. ليس بالضروري أن ينجح العالم في مجاله في الإدارة بمثل نجاحه في الأبحاث، لذلك يرفض الكثير من العلماء-منهم حاصلين علي نوبل في مجالاتهم-خاصة في أوربا وأمريكا قبول العمل الإداري مهما كانت الإغراءات، لأن ذلك من وجهة نظربعضهم يعطلهم عن مسيرتهم العلميةإضا فة إلي أنهم يعتبرون المكاسب المادية التي تعود عليهم من قبول المناصب القيادية، حيث إسهامهم في تقدم العلم يحفر أسماءهم بين العظماء ويكون خالصاً لمصلحة الإنسانية. لماذا لا نسير علي مهنج الآخرون الذين سبقونا وتقدموا وتقوم الجامعات أو مراكز البحوث أو غيرها في الإعلان عن مكان شاغر لشغل تلك الوظيفة الهامة، ومن ثم يتم إختيار الأكفأ من بين المتقدمين حتي لو كان من غير أبناء تلك الجامعة أو المركز البحثي، فالمعيار الكفاءة ثم الكفاءة، كما يذكر أحد المفكرين المصريين قائلاً ".....المفاضلة العجيبة التي شغلت أذهاننا ذات يوم، بين أصحاب الكفاءة وأصحاب الثقة لأيهما يكون الأمر؟ تنتهي المفاضلة عندنا بتفضيل من يُوثق في إخلاصه علي الكفء القادر؟ وكأنالكفاءة القادرة تتعارض-من وجهة نظر المفكر-مع الإخلاص والولاء. يضيف المفكر أن للكفاءة مقاييسها المحددة الواضحة، أما الثقة فمسألة ذاتية صرف، والنتيجة الحتمية لذلك، هي أن يصعد الصاعدون فوق رؤوس القادرين حتي إذا بلغوا ذراهم كانت لهم السيطرة علي توجيه الكفاءات الي حيث يريدون لها أن تتجه، لا الي ما تقتضيه طبائع الأشياء والمواقف كما تراها المعرفة العلمية والخبرة بتطبيقها، لذا ينصحنا المفكر بالعودة للنموذج الإجتماعي الذي للكفاءات الفرصة بعد ثبوت قدرتها علي العطاء لأنه سوف يقلل من حدة السعار واللهاث علي المناصب ويدفع الناس-خاصة الشباب-علي الجد والإجتهاد وتجديد قدراتهم وتحسينها بما يواكب متطلبات عصرهم وهدم مقولة ليس بالإمكان أبدع مما كان، وأخيراً أردد مقولة أحد الحكماء التي مفادها أن الذهب في الموضع الخطأ ليس جميلاً بينما الحجر في الموضع الصح جميلاً.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف