الجمهورية
صفوت عمران
لم نعد أبرياء!
نولد أبرياء أنقياء.. ملمسنا كالحرير.. قلوبنا اصفي من السماء.. عيوننا تلمع بحب ونقاء.. لا نعرف إلا الحب. ونحاط برعاية الجميع. ونرد علي أي كلمة حتي لو لم نفهمها بضحكة بريئة مغلفة بخجل لم تلوثه الأيام .. لا يشغلنا كثير العالم وتقلباته.. حروبه وانكساراته.. صفقاته وانتصاراته.. لا نلقي بالاً لمن يكرهنا بلا سبب.. فلا يحتل عيوننا إلا من نشعر بحبهم نجري ونلقي أنفسنا في أحضانهم بلا تردد أو خوف.. فلم نفعل بعد ما نستحق عليه الحقد أو الكراهية.. لم نعلن بعد عن طموحنا فيغار منا الرفقاء.. ولم نتنافس بعد حتي يصبح لنا أعداء.
مع مرور الأيام نبتت بذور الخير التي في داخلي سعيا نحو الكمال وبدأت شجرتها في الارتفاع جذورها رضا الله ومحبة أبي وامي وجذعها أن أكون رجلا صالحا يفخر به جميع من يعرفه أو لا يعرفه وفروعها مرصعة بالطموح والأمل والرغبة في النجاح وان اصبح رقما ايجابيا مؤثرا وفاعلا. ورغم إدراكي ان العالم خلقه الله ثنائي الأقطاب.. فيه الخير والشر.. الأرض والسماء.. الحب لوجه الله. والكراهية دون سبب منطقي سوي الحقد البغيض.. إلا أن التجارب علمتني أن الناس ألوان وأنواع ليس كما عهدتهم في طفولتي فلن تجد من يهبك الحلوي محبا متبرعا متطوعا.. ولن تجد من يعلمك آية من القرآن مخلصا عارفا لفضلها في إكسابك مكارم الأخلاق.. ولن تجد من يلاطفك ويضمك إلي صدره ماسحا دمعتك ومهونا عليك الدنيا صدقا وإخلاصا.. فالتنافس يفقد الناس أخلاقهم إذا لم تكن نفيسة وأصيلة.. والرغبة في النجاح والوصول الي القمة والسلطة قد تشعل الحقد والغيرة في قلوب من لا يمتلكون الأدوات الحقيقية لتحقيق ذلك.. ورغم أنني لست ملاكا منزها عن الهوي والخطأ. ولا ادعي أنني كنت أعيش في المدينة الفاضلة لكن عندما كبرت تمنيت أنني لم اكبر.. وعندما اشتد بي عراك الدنيا وشاهدت خداعها وسوء مشاعرها.. عندما عصرني ألم العاصمة وفجرها.. عندما شاهدت كفرها وغدرها.. عندما أيقنت لوعها في عشقها.. ونذالتها عندما تبدي صداقتها.. وخستها عندما لأسرارك تستودعها.. تمنيت لو عشت حياتي كلها في قريتي وسط أسرتي وأهلي ولم أعش الغربة ولم اشعر بفرقة الأحباب .. فالعبرة ليس بحسن بدايتك ولكن الأهم حسن مشوارك وحسن خاتمتك وانك عندما تخطئ تعود سريعا إلي رشدك مستغفرا ربك. فكثيرا ما يطاردني السؤال: هل مازلنا أبرياء إلا أنه أكثر مما يصبرني أن جدتي أخبرتني ذات يوم أن محبة الناس مفتاحها محبة الله لذا علينا جميعا نشر المحبة بيننا. وإعلاء دولة الدستور والقانون. والتكاتف من اجل نهضة بلادنا ونجاح اعمالنا وفلاحها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف