الأخبار
أحمد السرساوى
الجاسوسية في خدمة السلام !!
اسقاط الاتحاد السوفييتي وفي القلب منه مؤسسات الدولة وفي مقدمتها جهاز الـ «كيه جي بي» كان هدف أمريكا الرئيسي في أول تطبيق عملي لحروب الجيل الرابع.. ومن هنا كان الهم الأساسي للولايات المتحدة عقب «تمكين» جماعة الإخوان المسلمين من الحكم في مصر هو اسقاط الدولة المصرية وفي القلب منها المؤسسات القوية وفي مقدمتها أجهزة المخابرات و هو ما لم تفلح فيه والحمد لله لأن رجالنا درسوا ما حدث للاتحاد السوفييتي السابق بإمعان وفوتوا علي الامريكان تطبيق النموذج سابق التجهيز.. وأعتقد ان هذا الأمر أحد أهم أسباب الثقة والاعجاب والاحترام المتبادل بين الرئيسين فلاديمير بوتين وعبد الفتاح السيسي.. فكلاهما يقرأ جيدا ما يدور في العالم خلف الستار.

فقد تفكك جهاز المخابرات الرهيب للاتحاد السوفيتي السابق.. المعروف باسم الـ «كيه جي بي» في مثل هذه الأيام من عام 1991.. بعد أن ظل لسنوات وعقود المنافس الرئيسي للمخابرات المركزية الأمريكية الـ «سي آي إيه» التي حقق عليها تفوقا كبيرا في أكثر من جولة، لكن أمريكا وجهت عدة ضربات متتالية تحت الحزام لمنافسها العتيد حتي أسقطته بدون ضربة قاضية عام 1991 علي يد العميل جورباتشوف.. وفي اعتقادي أن ذلك كان أول تطبيق عملي لما صار يُعرف لاحقا بحروب الجيل الرابع!!

تأسس الجهاز عقب الثورة البلشفية في روسيا عام 1917 علي يد الزعيم السوفييتي فلاديمير لينين، وكان مجرد ذكر اسم الجهاز مثيرا للخوف والتوجس والرهبة داخل النفوس سواء في الاتحاد السوفيتي أو خارجه!!

والمثير أن اهتمام الجهاز لم يكن منصبا علي الولايات المتحدة حتي الحرب العالمية الثانية.. بل علي أوروبا الغربية وخاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا.. أما الولايات المتحدة فكانت في ذيل قائمة اهتمامات الجهاز الذي لم ينتبه ضباطه للخطط طويلة المدي التي شنتها السي آي ايه لاسقاط الدولة السوفييتية ذاتها باستخدام أسلحة بسيطة للغاية لعبت فيها بعقول السوفييت خاصة الشباب عن طريق الاعلام والسينما، واستخدمت فيها الدعاية الرمادية الخبيثة بجانب باقي فروع الفن والآداب لنشر الفكر الغربي ومحاربة كل ما هو يساري!!

يكفي أن نعلم أن شارلي شابلن العظيم كان ممنوعا من دخول هوليود لاشتباههم في أنه يساري رغم أنه حاول البقاء بالولايات المتحدة في بداياته.. لكنهم حاربوه وحاصروا فنه حتي داخل بلاده الي أن مات مقهورا عام 1977 في لندن، وكانت له جملة مشهورة يقول فيها: لا توجد عندي أي رغبة للبقاء في أمريكا.. لن أعود إليها أبدا، حتي ولو ظهر فيها يسوع المسيح!!

نعود الي الـ «كيه جي بي» التي تفوقت علي مثيلتها الأمريكية لدرجة اكتشافها مشروعا عسكريا رهيبا، كانت الولايات المتحدة تحيطه بسرية مطلقة، وهو محاولة انتاج القنبلة الذرية في بداياتها، لكن المخابرات الروسية نجحت في اختراق كل حواجز السرية وحصلت علي السر فطيرته فورا الي موسكو التي أسرعت بانتاج نفس القنبلة في زمن قياسي لتحقق الردع المتبادل أمام الولايات المتحدة التي كانت نهضتها العلمية آخذة في الصعود سريعا بداية من الثلاثينات ويكفي أن نعلم أن الولايات المتحدة بجلالة قدرها لم يكن رئيسها في ذلك الوقت يعرف ركوب الطائرة، وأن الرئيس تيودور روزفلت (الذي كان علي خلاف دائم مع زوجته وكانت تغيظه بأن تناديه مستر روز) هو أول رئيس أمريكي يركب طائرة عام 1910، في حين أقامت مصر في نفس العام أول مهرجان للطيران في منطقة هليوبوليس!!

وتوالت «خبطات» الكيه جي بي الروسية علي رأس السي آي إيه الأمريكية حتي اقتنصت معلومات خطيرة من واشنطن تتعلق بأسرار المحركات النفاثة، والرادار، ووسائل التشفير المُعقدة وطيرتها الي موسكو التي كانت تسبق بالأبحاث والانتاج، وتوالت الانتصارات وتوالي السبق حتي الصعود الي القمر ما كان يخلق توازنا حافظ علي السلام العالمي بفضل عمل أجهزة التجسس والاستخبارات!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف