الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
"المساء" صدرت لتبقي.. يوم لا ينسي
يبدو أن يوم 6 أكتوبر يوم مبروك.. ففي نفس هذا اليوم الذي حقق فيه الجيش المصري معجزة عسكرية بكل المقاييس.. معجزة سجلها التاريخ العسكري العالمي.. سجلت جريدة "المساء" معجزة صحفية سجلها تاريخ الصحافة المصرية بل والعربية عموما.. ففي يوم الخميس الماضي "6 أكتوبر" احتفلت الزميلة "المساء" بمرور 60 "ستين" عاما علي صدورها.. وهو رقم قياسي في تاريخ الصحافة المصرية.. لم تستمر أية صحيفة مصرية أو عربية مسائية في الصدور هذه المدة قط.. ولا حتي صحيفة "المقطم" لصاحبها الصحفي اللبناني الشهير "نمر باشا".. ولا حتي يوم وفاته.. صحيفة "البلاغ" لصاحبها "عبدالقادر حمزة باشا" التي كان ينتظرها بائعو الصحف ظهر كل يوم عند باب المطبعة.. الصحيفة السياسية التي تنشر أسرارا وأخبارا هامة لا تجدها في صحف الصباح فضلا عن تفاصيل ما يحدث في جلسات مجلس الوزراء وجلسات مجلسي النواب والشيوخ تلك الجلسات التي كانت تمتد لساعة متأخرة من الليل.. وكان أحد محرري البلاغ - واسمه محمد السوادي - ينشر تفاصيل هذه الجلسات بأسلوب لعوب تهكمي رائع وكانت الناس تتهافت علي شراء "البلاغ" في أيام الجلسات.. حتي رأي المرحوم السوادي أن يصدر جريدة مسائية باسمه ولكنها لم تستمر هي الأخري أكثر من شهور.. وعاد محمد السوادي إلي قرائه في "البلاغ".
كان "المقطم" و"البلاغ" أقدم صحيفتين مسائيتين وأقوي وأشهر صحيفتين.. كان توزيعهما وإعلانتهما كثيرة ومع ذلك لم يستمرا أكثر من عشرين عاما.. لماذا؟؟.. لارتباطهما بصاحب الصحيفة.. النمر باشا وحمزة باشا صحفيان حتي النخاع.. وارتباطهما بكبار المسئولين وصفوة المجتمع مع آراء سياسية جريئة للغاية وأخبار وخبايا البلد.. كل هذا كان كفيلا بزيادة التوزيع والإعلانات.. وعندما ماتا الكبيران ماتت معهما الصحيفتان!!!
***
كان نجل عبدالقادر حمزة باشا ثاني نقيب للصحفيين وهو محمد عبدالقادر حمزة بك - بك رسمي من الملك رأسا - حاول أن يستمر ولكنه لم يستطع.. فعمل مديرا لتحرير جريدة "المصري" بعد أن غرق في الديون والحجوزات.. سددها له المرحوم محمود أبوالفتح.. واستمر في "المصري" حتي تمت مصادرته فعمل مديرا لتحرير "المساء" مع خالد محيي الدين رئيس التحرير.. حتي وفاته.
***
هناك حكاية لا تنسي بطلها المرحوم محمد عبدالقادر حمزة بك.
كانت جريدة "المساء" يسارية من الألف للياء.. بل هذا كان سبب إنشائها - وهذه هي قصة الغد بإذن الله تعالي - وعندما اختلف خالد محيي الدين مع جمال عبدالناصر حول الزعيم العراقي قاسم.. الذي سماه عبدالناصر "قاسم العراق".. فقد كان الزعيم قاسم ليس شيوعيا بصراحة ولكن ممكن أن تقول إنه يميل للطبقة الفقيرة من شعب العراق وعلاقته قوية بروسيا.. وصدر عددان من "المساء" عن الزعيم قاسم.. في اليوم الثاني كانت المفاجأة الكبري.. وجود سيارة شرطة أمام باب الجريدة.. وقام الضابط المختص بالصحافة "نسيت اسمه رغم شهرته الكبيرة آنذاك" قام باعتقال كل محرري المساء.. جميعا عدا خمسة!!!.. حمزة بك وأنا وبكر درويش رئيس قسم الحوادث واثنين من سكرتارية التحرير!! كان يوما غريبا للغاية.. فجأة وجدنا أنور السادات في الصالة ومعه خالد محيي الدين يقولان لنا: البركة فيكم.. مؤقتا!!! وتركا الاثنان الجريدة!!! قال لنا حمزة بك إنه التحدي.. ستصدر "المساء" خير مما كانت.. قام بترجمة كل التيكر إنجليزي وفرنسي وبكر درويش بين الاتصال بالأمن والوزارات لصحيفتي الحوادث والأخبار المحلية كتبت علي قدر المستطاع صفحة الرياضة وهناك صفحتان مؤجلتان وصدر العدد.. وإلي الغد بإذن الله تعالي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف