الأهرام
سكينة فؤاد
حتى لانظلم روح أكتوبر!
ان السر الأهم للنصر لم يكن في السلاح فكل ما يتعلق به كان معروفا بل كان سلاح العدو أكثر تفوقا وانما كان السر الأكبر والعامل الأخطر هو جسارة وقوة ؟ وقدرة المقاتلين، وعظيم إيمانهم بالوطن وعشقهم للأرض وأصرارهم علي الانتصار مهما يكن الثمن المدفوع له بل وابتكار فنون جديدة في الميدان لم تعرفها الجيوش من قبل.. وضرورة ان نجعل من دروس النصر ومقوماته وكل ما قادنا إليه في إطار ومقومات حياة في معارك النمو والتنمية والبناء والحروب الشرسة التي نواجهها الآن دوليا واقليميا وداخليا.

وسط عظيم الفرحة والزهو الوطنى والآمال العريضة بتجديد دروس واسباب النصر قرأت هذا الخبر علي الصفحة الأولي من جريدة الوطن الصادرة الخميس السادس من أكتوبر 2016 والعناوين الرئيسية عن كيف صنع المصريون معجزة العبور، وقناص الدبابات يحكي: دمرت 6 في نصف ساعة وعبدالعاطي سبقنى للمركز الأول فى صيد الدبابات وصمود الاسطورة ابراهيم الرفاعي ـ وكيف فتحت إسرائيل خزان نابالم حرارته 700 درجة لمنع العبور وعبر اللواء عمارة وأسر عساف ياجوري.

في ذيل الصفحة الأولي خبر بعنوان سقوط ثالث ضحية لنقص الدواء بالفيوم والمركز المصري للحق في الدواء تقول ان 16 ألف مريض بالهيموفيليا معرضون لبتر أرجلهم!! وتفاصيل الخبر تحكي أن المركز كشف وفاة الحالة الثالثة نتيجة نقص الأدوية بمحافظة الفيوم لشاب يبلغ من العمر 20 عاما بعد حالتى الوفاة اللتين شهدتهما مدينتا طنطا والمنصورة الاسبوع الماضي وأشار د. محمد فؤاد مدير المركز المصري للحق في الدواء إلي ان الشاب حمادة التوني من محافظة الفيوم تعرض لحادث طريق أمس الأول وتم نقله لمستشفي الفيوم العام الذي لم تتوافر فيه حقن معينة فتم نقل المريض إلي مستشفي قصر العيني الذي يعاني بدوره نقصا بمعظم الأدوية، واضاف مدير المركز بأن 6 حالات لمرضي الهيموفيليا تعرضوا لبتر أرجلهم خلال شهرين بسبب نقص ما يجب ان يتعاطوه من دواء وحذر من تعرض 16000 مريض لنفس الخطر نتيجة نقص الادوية بالمستشفيات الحكومية وطالب مدير المركز بسرعة توفير المحاليل الطيبة لانقاذ حياة مرضى الأورام والغسيل الكلوي وان مريض الفشل الكلوي يحتاج إلي 15 عبوة محاليل في الاسبوع وان نقابة الأطباء تحارب لانقاذ حياة المواطنين في المستشفيات لنقص الأدوية والامكانات. ويضيف مدير مركز الحق في الدواء اعجب ما يمكن أن تسمعه ـ أن هذا النقص يجعلهم يستبدلون بالمحاليل الطبية إعطاء المرضى شراب العرقسوس في محاولة للتعامل مع الأزمة وقال إن ملف المحاليل الطبية أصبح ملف موت!! وأضاف هناك اقتصاد خلفي وسوق سوداء في قطاع الأدوية وحياة المواطنين في خطر ـ ولا أحد من المسئولين يتحرك؟!

أين الحقيقة في هذه الوقائع المرعبة وأين حق المريض في الأمان العلاجي؟! نعرف انهيار مستويات العلاج واختفاء كثير من الأدوية وارتفاع أسعار ما لم يختف ـ أليس من حق الشعب أن يعرف الحقيقة بلا تهويل أو تهوين ـ نحن نتحدث عن الدواء وعن الألم والمرض والوجع، والانسان في أصعب وأقسي حالاته وضعفه واحتياجه لمن يحترم ألمه ويوفر الدواء ومستويات العلاج الانسانية ولانتحدث عن رفاهية أو كماليات.. عن عموم وجموع ملايين المصريين من البسطاء والطبقة الوسطي وبعد أن أصبح المرض وانهيار الصحة من التوابع الاساسية لتلوث كل ما يعيش عليه المصريون من الغذاء والمياه والهواء.. اتحدث عن المصريين الذين لايستطيعون ركوب طائراتهم الخاصة أو العامة والذهاب لأكبر وافخم مقر طبي في العالم المتقدم ليحصلوا علي أرقي مستويات العلاج ما استطاعه المصريون وحققوه من معجزات 1973 وبما ننادي أن يتجدد ويستمر لنحقق به عبورا جديدا نسخته مصر.

> ما يحدث وينشر ويتوالى من أحوال المرضى والمرض والدواء هل يُمثل روح اكتوبر وقيم اكتوبر التى يجب أن يدير بها المسئولون قضايا الناس المصيرية؟! أين الحقيقة فى قضية اختفاء المحاليل الطبية التى تُنتج من شركات خاصة أو من شركات تتبع قطاع الاعمال ـ ما هى المعوقات الحقيقية التى تحول دون توفيرها وهل حقيقة وكما شاهدت فى تحقيق تليفزيونى ـ أحد كبار الجراحين فى المنصورة يقول انها أزمة مفتعلة ومدبرة؟!وما ذنب المريض فى صراع وفساد لا نفهم أبعاده وحقيقته ـ الحقيقة الوحيدة الواضحة ـ مرضى مهددون بالموت وأخطار تُهدد بتوقف اجراء الجراحات وارتفاع اسعار زجاجة المحلول إن وجدت إلى أربعة أضعاف ثمنها وتصريحات براقة لمسئولى الوزارة وللوزير لا علاقة لها بأبعاد الأزمة وما يعانيه المرضى ـ وهل هناك علاقة بين صناعة الأزمة وما توالى نشره بعد ما كشفته هيئة الرقابة الإدارية وحبس رئيس مجلس إدارة شركة منتجة لمحاليل معالجة الجفاف الفاسدة التى تسببت فى وفاة 7 أطفال داخل عدد من المستشفيات بالمحافظات وباستعلام الهيئة ـ كما كتب الاهرام 4/10/2016 ـ عن طريق وزارة الصحة تبين فساد أحد التشغيلات الخاصة بإنتاج محلول الجفاف الذي تنتجه شركة خاصة لصناعة الأدوية وتورده للمستشفيات والصيدليات مما اصاب نحو 30 طفلا بتفاعلات تشنجية وتحسنت حالات عدد من الأطفال بعد وقف العلاج والتدخل الطبى السريع بينما توفى 7 أطفال بسبب المحلول!!.

> هل سمع المسئولون عن دعوة الرئيس لاستلهام روح اكتوبر فى أداء كل ما عليهم من واجبات ومسئوليات ناحية المواطنين.. وهل بنسب الفساد المسكوت على كثير منها كنا نستطيع تحقيق هذا النصر العظيم.. ثم اذا كان الفساد قد أصبح عملا مؤسسيا لإدارة الدولة قبل 25 يناير و 30/6 من المؤكد أنه لا يصح بعدها. ما هى العقوبة التى يجب أن ينالها من تسببوا فى وفاة سبعة أطفال ليكونوا عبرة وردعا حقيقيا واعتذارا لسبعة أرواح بريئة وغيرها الآلاف من ضحايا الإهمال وموت الضمير والوازع الأخلاقى والإنسانى، هل أعيد ما كتبته من قبل حول المشهد المصور الذي نقلته أدوات التواصل ووكالات الأنباء عن سيدة من الصين تتقدم أربعة رجال ـ السيدة صاحبة مصنع لألبان الأطفال والرجال الاربعة من مديري المصنع ـ والاتهام وجود مادة فى ألبان الأطفال قد تتسبب فى إحداث أضرار بمن يتناولونه.. والعقوبة الإعدام لصاحبة المصنع والمديرين الأربعة!!> وسط احتفالاتنا وزهونا بالنصر العظيم يجب ألا ننسى من يتألمون أو نصمت أمام أداء متخاذل وغير مسئول أو يكتفون بتصريحات براقة يكذبها ما يعيشه ويعانيه المصريون الذين مع جيشهم الوطنى لم يصنعوا انتصارهم إلا بأداء وإعداد عبقرى للمعركة وسعى لاختيار أفضل الكفاءات والقيادات وتوجيه كل ما في الدولة لتحقيق الهدف المنشود وجعل المصريين على جبهات القتال والحياة يبدعون ويطلقون أجمل وأفضل وأقوى مكونات الشخصية المصرية وحتى لا نظلم روح أكتوبر عندما نجعلها مجرد شعار يتردد أو احتفالات وغناء يتجدد فى ذكراها كل عام.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف