الوفد
محمد عادل العجمى
عمى بصيرة
عمى البصيرة، هذا أقل شيء يمكن أن نقوله عن تعاملنا مع الأراضى الزراعية فى مصر، فلا شك أن الله سبحانه وتعالى هيأ لنا الأراضى التى تنبت ويأكل منها الإنسان والحيوان، ولكن لأننا مصابون بعمى البصيرة على مر الزمان تركنا المساحات الزراعية تتآكل بفعل تزايد السكان، وخرجنا إلى الصحراء لنعمرها ونستصلحها، وما تحتاجه من تكاليف باهضة، حتى تؤتى ثمارها، وفى النهاية لن تكون بحجم وجودة الأراضى التى مهدها الله سبحانه وتعالى لنأكل منها، وهى الأراضى الطينية.
نقول ذلك بمناسبة الإحصائية التى خرجت من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الذى يوضح أن الزمام الزراعى زاد بنسبة 3.8% خلال عام 2015 ليصل إلى 10 ملايين فدان مقابل 9.6 مليون فدان عام 2010 جاءت محافظات الوجه البحرى فى المرتبة الأولى، حيث بلغت مساحتها 6 ملايين فدان بنسبة 59.9%، تلتها محافظات الوجه القبلى، حيث بلغت مساحتها 3.2 مليون فدان بنسبة 32.3%، تلتها المحافظات الحضرية، حيث بلغت مساحتها 700 ألف فدان بنسبة 7.3%، ثم محافظات الحدود (الوادى الجديد)، والتى بلغت مساحتها 100 ألف فدان بنسبة 0.5% من إجمالى مساحة الزمام عام 2015. ولكن ما هو قابل للزراعة سواء يمتلكه الأهالى أو الحكومة 8.9 مليون فدان بنسبة 88.5%، وما هو غير قابل للزراعة 1.1 مليون فدان بنسبة 11.5%، وتتمثل فى (السكن والمتناثرات، المنافع العمومية، أراضى التالف والفساد، أكل النهر، السكك الحديدية.
يمتلك الأهالى 7.2 مليون فدان عام 2015 مقابل 7.1 مليون فدان عام 2010 أى أنه خلال خمس سنوات لم تزيد الزمام الزراعى الذى يمتلكه المصريون إلا بنسبة 1.7%، أما ما تمتلكه الحكومة فقد بلغ 1.7 مليون فدان مقابل 1.6 مليون فدان أى أنه زاد بنسبة 9.6% خلال الخمس سنوات.
وهو ما يعنى أن السنوات الخمس الماضية لم تفلح فى إحداث زيادة حقيقية فى الزمام الزراعى، سواء بإضافة أراضٍ جديدة فى الصحراء، مع تآكل الأراضى الطينية، ولم تستطع القوانين والتشريعات والأحكام العسكرية وقف هذا النزيف فى الأراضى الزراعية، ونعانى كل يوم من فاتورة استيراد الغذاء والتى تسبب ضغطًا شديدًا على ميزان المدفوعات، وكنت كثيرًا ما أسمع من حكومات مبارك الراحلة اقتناعها بمنهج غريب طالما أن معك «فلوس» تستطيع أن تشترى الغذاء من أى مكان، دون أى اعتبار للأمن الغذائى القومى.
ويجب على الرئيس والحكومة أن يفكرا بطريقة غير تقليدية، وخارج الصندوق، ودراسة إمكانية تهجير قرى بكاملها بالصحراء، وتعميرها وخلق مجتمعات تنموية، ووضع حوافز مشجعة مثل التعليم والصحة بالمجان، مع احتفاظهم بالأراضى الزراعية التى يمتلكونها، وعلى أن يكون المقابل ترك الأراضى الزراعية وإعادة زراعتها، وإذا كان الناس تنتقل من القرى والمدن لتعمر الصحراء وتقضى أيامًا فى الصحراء لتعمرها، فعلينا أن نفكر فى قلب الصورة، وتمتص الصحراء التوسع السكانى، ويعاد استزراع الأراضى البور، والتى قتلتها المبانى السكانية، وهذا سوف يدفع من ليس لهم أراضٍ زراعية ويعيشون على ما يقدمونه من خدمات لملاك الأراضى الزراعية إلى الانتقال أيضًا للصحراء، هذا مجرد أفكار. وتحتاج إلى دراسة وحملات توعية، وتسهيل فى امتلاك الأراضى والبناء فى الصحراء وعلى مساحات ثلاثة أو أربعة أضعاف ما يمتلكه الناس فى القرى، بحيث يصبح لكل قروى، مع ضرورة التنظيم الجيد، للشوارع والمساحات الخضراء ومناطق الخدمات فى القرى الجديدة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف