رضا محمد طه
طلاقة عندهم وعقدة في لساننا
هل طلاقة اللسان والفصاحة في الكلام موهبة أم ممارسة وتدريب؟، سألت نفسي هذا السؤال وأنا اتابع المناظرة الثانية اليوم بين مرشحي الرئاسة الامريكية "كلينتون وترامب" والتي لمست خلالها قدرة كبيرة من كلا المرشحين علي التحدث بطلاقة والثقة بالنفس والإلمام الواسع عن الموضوع الذي يتكلمون فيه وأحيانا يستشهدون بأحداث أو أرقام أو نِسب مئوية تكون دقيقة غالباً، لا مجال للكلام المرسل أو التخمين أو الكلام المبتذل أو الغوغائي أو العاطفي مما يعطي إنطباع عن توفر عنصري الموهبة والتدريب في ظل مناخ من الحرية والتعليم الصحيح بدءاً من الطفولة داخل الأسرة وحتي مراحل التعليم المختلفة والتي تتيح لهم هذا الإبداع، لذا إختفت من قواميسهم مقولة أن كلام المسئول، المدير أو الرئيس هو رئيس الكلام، لأن الأمر حرية وتشاور بينهم. كل فرد عندهم من حقه التعبير عن رأيه دون قمع أو قهر، والمجتمع عندهم في الدول الغربية عموماً يشجعهم علي ذلك، الناس تسمع لبعضها البعض ويقبلوا بعضهم البعض دون أحقاد أو ضغائن وحتي الاطفال ينصت لهم بل إنهم يرحبون بالآراء التي تخالفهم-بالنسبة للمسئولين-أو التي تنتقدهم نقدا بناءاً كي يعدلوا ويحسنوا من أنفسهم بإستمرار، لذا فالتقدم والإزدهارحليفهم علي الدوام. في بلادنا بدءاً من الإسرة، نلمس من بعض الآباء إستهجان أورفض إبداء الرأي للأبناء، وفي بعض الأحيان قمعهم وقهرهم بشكل فاشي، يسري ذلك علي المؤسسات التعليمية في مراحلها المختلفة، حيث يغيب-غالباً-الحوار وتبادل الآراء أو حتي حرمان الطلبة من السؤال من قِبل معلميهم، بما يمثل وأداً للمواهب ودفناً للقدرات والأفكارالمبتكرة وتحطيم للمعنويات وتولد الأحقاد وتفشي الكراهية من جراء الكبت والعقد النفسية. المجتمع الأبوي أو القبلي التي تشيع فيه ثقافة القبيلة-بما فيها من وصاية من رب الأسرة أو القبيلة، لا ينتج عنه سوي الضعفاء أو المشوهين والمنكمشون الذي يتوارون إستصغاراً وإستضعافاً لأنفسهم، أولئك يعيشون وجل إهماماتهم هي تفاهات الأمور، والنتيجة مجتمعات جامدة وراكدة في مكانها تتراجع غالباً للخلف وتبقي في ذيل الأمم. قال تعالي "...ألم نجعل له عينين، ولساناً وشفتين، وهديناه النجدين" وقال أيضاً في سورة أخري "....وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي". جعل الله لنا وسيلتان هامتان كي ندرك بها الحق وهي العينين، وأخري نعبر بها عنه وهو اللسان، لذا وجب علينا حسن إستغلالهما لما هو خير لمجتمعاتنا