الجمهورية
بهجت الوكيل
سياسة "التعويم" والطامة الكبري
حالة من الترقب يعيشها الشارع المصري منتظراً ما تسفر عنه الايام القليلة القادمة لقيمة الجنيه أمام الارتفاع الجنوني لسعر الدولار الذي وصل الي أكثر من 14 جنيها في السوق السوداء.
الارتفاع الجنوني لسعر الدولار أمام الجنيه المصري أصاب المواطنين بحالة من الاحباط الشديد التي جعلتهم يتبادلون الاحاديث الجانبية مع بعضهم البعض مرددين ان ما يحدث للجنيه أمام الدولار ما هو الا بادرة لتعويمه أو تخفيضه لمواجهة الارتفاعات القياسية والتاريخية للدولار وان كان ذلك سيكون أثره بالسلب علي المواطن أكثر ضرراً حيث ستشهد الاسواق حالة من الغليان لارتفاع أسعار الآلاف من السلع المحلية والمستوردة وبالتالي سيخلق حالة من التذمر والقهر لدي المواطنين ان لم يكن للحكومة خطة تحكمه للسيطرة علي أسعار تلك السلع وتوفيرها بسعر مناسب لحماية الشرائح الاجتماعية الأكثر احتياجا وخاصة ان مصر تستورد نحو 70% من احتياجاتها الغذائية من الخارج.
تعويم الجنيه يعني ان يتم ترك السعر في السوق الرسمية بالبنوك العاملة في السوق المحلية وفقاً لآليات العرض والطلب بجانب جزء من المضاربات حتي يتم خفض عنيف لسعره في السوق السوداء ثم يتدخل البنك المركزي عبر اجراءات صارمة في توقيتات معينة لوقف تلك المضاربات وهذا ما يطلق عليه "التعويم الحر" الذي يتم الاعتماد عليه غالباً في الدول الرأسمالية الصناعية المتقدمة مثل الدولار الامريكي والجنيه الاسترليني والفرنك السويسري وهذا لا يمكن الاعتماد عليه في مصر حيث يعاني اقتصادنا من العديد من الازمات. هذا بخلاف اننا لم نتحول بعد الي دولة منتجة تكون صادراتها أعلي من وارداتها.
أما النوع الآخر من التعويم هو "التعويم المدار" حيث يقصد به ترك سعر الصرف يتحدد وفقاً للعرض والطب مع تدخل البنك المركزي كلما دعت الحاجة الي تعديل هذا السعر مقابل بقية العملات وذلك استجابة لمجموعة من المؤشرات مثل مقدار الفجوة بين العرض والطلب في سوق الصرف ومستويات أسعار الصرف الفورية والآجلة والتطورات في أسواق سعر الصرف الموازية وغالباً ما يتم الاعتماد علي هذا النوع من التعويم في مصر والبلاد النامية وبعض البلدان الرأسمالية التي تربط سعر صرف عملتها بالدولار الامريكي وحدث ذلك في عهد الدكتور عاطف عبيد رئيس وزراء مصر 2003 حيث ارتفع سعر صرف الدولار في السوق السوداء بأكثر من 50% فمن 70.3 جنيه الي 40.5 جنيه مرة واحدة مما دفع وقتها الحكومة الي التدخل لانقاذ الموقف.
ومن هنا أطالب حكومة المهندس شريف اسماعيل بعدم الانتظار طويلا أمام سياسة انخفاض الجنيه في مقابل ارتفاع سعر صرف الدولار حتي لا تكون هناك "طامة كبري" تطيح بالجميع الي حيث لا ندري وخاصة ان الشعب المصري فوق صفيح ساخن.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف