«نريد تغيير العقول قبل تغيير المناهج» .. مقولة مهمة شدتنى بقوة خاصة إذا كان قائلها عالما ومفكرا كبيرا ليسعلى المستوى المحلى فقط, ولكن عربيا ودوليا أيضا، وهو الدكتور حسن البيلاوى الخبير التربوى العالمي, والأمين العام للمجلس العربى للطفولة والتنمية، والمناسبة كانت خلال أعمال ورشة عمل الإعلاميين حول معالجة الإعلام العربى قضايا حقوق الطفل تحت شعار «إعلام صديق للطفولة» والتى نظمها المجلس العربى الأسبوع الماضى مع معهد الأهرام الإقليمى للصحافة وإدارة المرأة والاسرة والطفولة بجامعة الدول العربية وبرنامج الخليج العربى للتنمية «اجفند»، وذلك بمقر مؤسسة الاهرام بالقاهرة.
وأوضح خلالها الدكتور البيلاوى أن المجلس يسعى لتحقيق رؤيته الاستراتيجية للعمل مع الطفولة من خلال تبنى نموذج تنشئة، يقوم على بناء عقل جديد لمجتمع جديد فى عالم جديد، وذلك وفق مبادئ تعتمد على العدل الاجتماعى والحرية والمواطنة والكرامة والتمكين، وكلها مبادئ أقرها الدستور المصرى للعام 2014، إلى جانب أن مستقبل مصر يكمن فى قدرتها فى التعامل مع الطفولة التى تمثل أكثر من 40% من عدد السكان، وأن مصر - فى هذه المرحلة المهمة - تحتاج إلى تغيير جذرى ينقلها إلى التقدم، وهذا لن يتم إلا بوجود كتل من الفاعلين الاجتماعيين لقيادة وتبنى الأفكار نحو التغيير، وهو ما يمكن أن يقوم به الإعلام باعتباره أحد هذه الكتل الفاعلة اجتماعيا والقادرة على نقل الرؤى والأفكار إلى القاعدة الجماهيرية، وبما يسهم فى إحداث التغيير المنشود، مشيرا إلى أنه من هنا جاءت أهمية العمل فى هذه الورشة مع مؤسسة إعلامية مثل مؤسسة الأهرام العريقة.
والحقيقة أن المجلس العربى للطفولة والتنمية برئاسة الأمير طلال بن عبد العزيز يقوم بدور مهم على المستوى القومى والمحلى فى ظل الظروف التى تمر بها الأمة العربية الآن، ومنذ ثلاثة أشهر فقط وقع الأمير طلال أربع اتفاقيات دعم فى مجالات تحقيق أهداف التنمية المستدامة الأولى عن دمج وتأهيل الأطفال فى وضعية الشارع، والثانية عن تنمية الطفولة المبكرة، والثالثة عن دعم دور المجتمع المدنى والإعلام، والرابعة حول إعداد المعلم العربى معرفيا ومهنيا، بتمويل من برنامج الخليج العربى للتنمية «أجفند» الذى يترأسه.
كان نصيب المجلس العربى منها اتفاقيتين، الأولى خاصة بالمرحلة الثانية من مشروع تأهيل ودمج الأطفال فى وضعية الشارع بمصر من خلال تربية الأمل تحت شعار(أنا اخترت الأمل) والذى يعمل على تطبيق مدخل علمى جديد يعتمد على تأهيل ودمج الأطفال فى وضعية الشارع فى حياة إنسانية كريمة, عبر تطبيق حزمة من البرامج التى تعتمد على التعليم والفنون والتربية الرياضية لكسب الثقة وتربية الأمل واكتشاف الذات وتنمية مهارات الحياة المؤهلة للدمج الاجتماعي.
والاتفاقية الثانية خاصة بدعم الارتقاء بمركز تطوير وتنمية رياض الأطفال بالمدينة التعليمية بالسادس من أكتوبر وتحسين الاستعداد المدرسى فى مرحلة الطفولة المبكرة،
لدى 15 ألف طفل فى رياض الأطفال من خلال تنمية البيئة المؤسسية لـ 300 روضة أطفال فى خمس محافظات مصرية.
وهذا يعنى اننا أمام منظمة عربية لديها رؤية استراتيجية محددة للتعامل مع قضايا الطفولة فى الوطن العربي، لكن الاهتمام بمعالجة الإعلام العربى لقضايا حقوق الطفل عمل ذو أهمية قصوى يستحق التأمل، فالترويج والالتزام بالمبادئ المهنية لمعالجة الإعلام العربى قضايا حقوق الطفل ، كخطوة أساسية ـ كما يقول الدكتور حسن ـ فى تنفيذ مشروع المرصد الإعلامى لحقوق الطفل العربي، الذى بادر المجلس بتأسيسه بالتعاون مع جامعة الدول العربية وبرنامج «أجفند» ليكون آلية تعنى برصد ومتابعة ومراقبة الإعلام العربى فيما يخص حقوق الطفل، وأن المرصد الإعلامى سبق وأن قام بإجراء دراسة علمية حول واقع الأداء الإعلامى لمعالجة قضايا حقوق الطفل العربى طبقت فى ست دول عربية من بينها مصر، كانت نتائجها مقلقة ومؤكدة عن غياب أجندة عربية لقضايا الطفولة والحاجة إلى تلك المبادئ كضوابط مهنية عند تناول قضايا حقوق الطفل.
وقد سبق أن رأينا أمثلة فجة على هذه الانتهاكات الإعلامية خلال شهر رمضان الماضى من خلال بعض الإعلانات والمسلسلات التليفزيونية، الأمر الذى يؤكد أهمية النشاط الكبير الذى يقوم به المجلس العربى بهذا الصدد والذى يجب أن يلقى تعاونا كاملا من جميع وسائل الإعلام العربية.
# كلمات:
إن القادرين على فهم الحياة هم الأطفال، أو أولئك الذين ينظرون إليها كالأطفال.
باولو كويلو ــ روائى برازيلي