العالم المصري الكبير د. فاروق الباز قال في حديث لإحدي الوكالات الأجنبية العالمية إن الاهتمام بالمنظومة التعليمية لابد أن يكون له الأولوية قبل البحث عن رغيف الخبز.. مستطرداً أن الرغيف يمكن أن تحصل عليه بعدة طرق وعلي المستوي الفردي.. لكن التعليم هو أساس التنمية والتقدم لأي أمة.
ومن يتأمل هذه الكلمات يتأكد أنها رسالة لكل من يهمه الأمر في هذا البلد بضرورة الاهتمام بالتعليم أولاً.. لأن التعليم هو المفرخة التي تؤدي إلي تخريج أجيال مبدعة مبتكرة تصنع المستحيل لهذا البلد من الرغيف حتي ما بعد الصاروخ.
من ثم هل نعي الدرس ونبدأ في تطوير منظومة التعليم من رياض الأطفال وحتي ما بعد الدراسات العليا؟! أم سنظل في فلك الحلول الفردية التقليدية للمسئولين عن التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي واللذين توليا السلطة بإمكانيات ضعيفة ويسيران بالمركب بمجداف واحد.
إن الواقع المرير الذي نعاني منه الآن في المدارس والجامعات يؤكد أن مصر في حاجة ماسة إلي تطوير شامل للمنظومة التعليمية والبحثية.. وهذا التطوير يحتاج إلي كتيبة خاصة من العلماء والخبراء والأساتذة في مختلف المجالات تقدم الحلول لمستقبل أكثر إشراقاً للأجيال القادمة.
والسؤال الذي نسأله لأنفسنا ونعرف إجابته جيداً وهو "لماذا نتحدث كثيراً ولا نفعل شيئاً سوي الكلام"؟!
منذ أن أصبحت مسئولاً عن ملف التعليم العالي والبحث العلمي منذ حوالي 20 سنة وأنا أسمع كلاماً كثيراً من كل وزير يأتي ويجلس علي الكرسي عن رؤيته لتطوير التعليم والبحث العلمي ويظل يشغل الرأي العام والجامعي بهذا حتي يخرج من الوزارة وكأن شيئاً لم يكن.
والسؤال الآخر: لماذا لا نتعلم من تجارب الدول الناجحة في هذا المجال خاصة أمريكا واليابان وأوروبا وبالتحديد ألمانيا.. فهذه الدول بدأت من حيث انتهي الآخرون وكانت تعيش أجواء الهزيمة والدار والخراب في الحرب العالمية الثانية خاصة اليابان وألمانيا. ورغم ذلك انطلقت إلي الأمام لدرجة أنها الآن في مقدمة الدول المصدرة إلي كل شعوب الأرض بما فيها مصر.
إذن فماذا نحن فاعلون؟!
المفروض أن نبدأ من اليوم قبل الغد في إعداد منظومة تعليمية وبحثية علي أرقي مستوي عالمي.. منظومة تشجع علي الإبداع بدءاً من رياض الأطفال وحتي ما بعد التعليم العالي.. منظومة تدعو إلي الفكر والتدبر لا إلي الحفظ والتلقين.
إن مصر بدأت نهضتها التعليمية في عصر محمد علي الذي كان يرسل بعثات إلي أوروبا تشمل الكبار والصغار. نعم كان محمد علي يرسل بعثات من الأطفال تعيش مع الأسر الأوروبية فترة معينة ثم تعود لنقل تجربة الحياة الأوروبية إلي مصر.. وكانت تجربة ناجحة جداً أفرزت علماء في كل المجالات هم الذين حملوا لواء النهضة في عهد أسرة محمد علي ثم ما بعد ثورة 23 يوليو.
من ثم لابد من أن نفيق ونتجه إلي الطريق الصحيح لتطوير التعليم بدلاً من عمليات الترقيع التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم وأيضاً الجامعات التي يسير مسئولوها لي نهج "عيشني النهارده".. حيث لا يستطيع رئيس جامعة أن يفعل شيئاً إلا إذا عاد للوزير وإلا كان جزاؤه الخروج من المنصب!
كلمة هامة:
إن التعليم والبحث العلمي المصري في حاجة إلي التطوير والتحديث لمسايرة العصر.. فهل من مجيب؟!