محمد جبريل
فوضي الأسعار.. مسئولية من؟
في قصة قصيرة لعبدالحميد السحار أن رجلاً دخل مدينة تقوم فيها عملية البيع والشراء علي النية الحسنة. فالبائع يبيع علي بركة الله. والمقابل من المشتري علي بركة الله. وجد طمع الرجل في النية الحسنة دافعاً ليشتري ما يفيض عن حاجته. بينما يمنع ما قد يحتاجه الناس. وتبين أهل المدينة ما تنطوي عليه نفس الزائر من جشع. فطردوه من مدينتهم.
استعدت هذه القصة وأنا أتابع الشطارة التي أملت علي الكثير من باعة الأسواق تصرفاتهم. البائع ليس زائراً عابراً. لكنه مواطن يتمتع بكل حقوق المواطنة. وعليه أن يؤدي ما تلزمه مواطنته من واجبات.
يحدد البائع ثمن السلعة - علي سبيل المثال - بأربعة جنيهات. تعود بالمبلغ في مسافة السكة. لكن البائع يفاجئك برفع السعر إلي الضعف أو أكثر. يتجاوز العرض معني الشطارة ليصبح فهلوة. أي أنه يجعل السعر مطاطياً. يشده إلي آخر ما تقوي عليه قدرة المشتري.
تطور الأمر في أسواقنا. غابت الشطارة. ثم الفهلوة. ليحل سعار محموم لا يقف عند سعر. ولا تعنيه قدرة الناس المالية. ما يشغله أن يتحول إلي الأخ قاسم في رواية علي بابا والأربعين حرامي. يطلب كل شيء. ولا يكتفي بالربح المعقول. لكنه يفوز في النهاية بالسلطانية.. تاج الجزيرة!
قاسم الجديد في حياتنا يعنيه السطو علي جيوب الناس. لا شأن له بظروف وطن ينتسب إليه. ولا باقتصاد تؤذيه التصرفات السلبية بما يعود بالضرر علي الجميع. اللحظة وحدها هي التي تعنيه. أن تتحول المائة إلي ألف. والألف إلي مليون. وهكذا. لو أنه درس الأمر بلغة الاقتصاد. فسيجد أن فوضي الأسعار تعود بالخسارة علي الجميع. البائع المسعور - وأعتذر لرداءة التشبيه - يقابله سعار عند باعة آخرين. وتسيطر الفوضي علي تعاملات الأسواق.
الأسعار الاسترشادية صعبة أو مستحيلة في السباق المحموم الذي يتصور البعض أنه فرصة للكسب السريع. وهو ما قد يحدث بالفعل. لكن الخسارة لا تلبث أن تلحقه هو نفسه. وتلحق كل من جاوز الشطارة إلي الفهلوة. فالسعار. لتلحق الخسارة بالاقتصاد القومي. وتتوه الأسعار الاسترشادية وخبرات الاقتصاديين في الفوضي التي ترض سيطرتها علي السوق. لا يفلت من تأثيراتها أحد.
المجموعة الاقتصادية تشمل العديد من الوزارات. بالإضافة إلي وزارتي التموين والضمان الاجتماعي. وتعني جميعها بتوفير السلع الاستهلاكية للمواطن بالأسعار المناسبة. الإنجاز الأهم المطلوب لهذه المجموعة هو التصدي لظاهرة الفوضي في الأسواق المصرية. فلا تخضع للفوضي والابتزاز والسعي إلي الكسب الحرام. الهائل. أياً تكن الوسائل.
ياحكومتنا الرشيدة: تحركي!