اكرام منصور
التصريحات الفشنك بين القوي العظمي
أمريكا وروسيا منذ الزمن البعيد صراع وتنافس عسكري وثقافي واقتصادي وعلمي وفضائي إلي وفاق وتعاون أحياناً ضد أي دولة تفكر في أن تدخل في المنافسة.. وأحياناً أخري إلي حرب باردة حيث حاولت كل دولة أن تسيطر علي العالم.. وأمريكا استطاعت أن تخرج من هذه الحرب منتصرة لتسقط الاتحاد السوفيتي .. كما مرت العلاقات بين موسكو وواشنطن بمراحل مختلفة. وقف بعضنا ضد بعض خلال الحرب الباردة. لكنهما كانتا حليفتين في السابق وقام بهزيمة النازيين معا. ثم أنشئت المنظمة الدولية حينئذ الأمم المتحدة لمنع تكرار وقوع مثل هذا الدمار مرة أخري. وقد أدرك مؤسسو الأمم المتحدة أن القرارات التي تؤثر في الحرب والسلم يجب أن تأتي فقط من خلال توافق الآراء وبموافقة أمريكا وصار حق النقض ¢الفيتو¢ الذي تمتلكه الدول صاحبة العضوية الدائمة في مجلس الأمن له حصانه في ميثاق الأمم المتحدة.. وأن ما يثير القلق هو أن التدخل العسكري لوشنطن وحلفائها في النزاعات الداخلية في الدول الأجنبية وهذا يعتبر تتدخلا في تقرير مصير الشعوب وقد أصبح أمرًا مألوفا بالنسبة للولايات المتحدة. فهل هذا في مصلحة أمريكا علي المدي الطويل؟! أشك في ذلك.. فالملايين في جميع أنحاء العالم لم تعد تري أمريكا بوصفها نموذجا للديمقراطية بل علي العكس تماما لانها تعتمد علي القوة الباطشة فهي صانعة الارهاب.. وفي السنوات الأخيرة عادت روسيا لتتصدر المشهد من جديد ولتنافس القوة الأولي والوحيدة في العالم أمريكا وقد قامت روسيا بشن هجوم علي واشنطن لعدم التزامها باتفاق الهدنة السورية معها ..وتصريحات واشنطن عن وقف التعاون مع روسيا هي سياسة ابتزاز واعتبر الدبلوماسيون أن خروج واشنطن من الاتفاقات مع روسيا حول سوريا والتي توصل إليها الطرفان في التاسع من سبتمبر الماضي 2016سيكون خطأ استراتيجيا كبيرا. وخصوصا إذا أعلنت الولايات المتحدة عن خروجها رسميا من الاتفاق سيكون ذلك خطأ ومن الممكن استئناف تنفيذ الاتفاقات الدبلوماسية وذلك سيتطلب من الخبراء العسكريين الروس والأمريكيين الانخراط في التعاون الفعلي. ومواصلة العمل بين أولئك الذين يتفهون الأمر الواقع ويقدرون علي ضمان وصول المساعدات الإنسانية وتكثيف محاربة التنظيمات الإرهابية واستئناف العملية السياسية. وواشنطن أثبتت عقمها وعدم جدواها. فأفغانستان تترنح. ولا أحد يستطيع أن يتوقع بما سيحدث بعد انسحاب القوات الدولية. وليبيا انقسمت إلي قبائل وعشائر. وفي العراق لا تزال الحرب الأهلية تحصد العشرات كل يوم.. وسوريا علي صفيح ساخن ..ويجب علي الدول العظمي التوقف عن استخدام لغة القوة والعودة إلي مسار التسوية الدبلوماسية والسياسية المتحضرة. فهناك أسباب كثيرة من الممكن أن تؤدي لانفجار الوضع في العالم فالقوي الدولية تستعد لوضع توازن دولي جديد. والشرق الأوسط يهدد بانفجار هائل من داخله. ولدي الروس شكوك قوية في أن تيارات غربية تحاول استخدام قوي الإسلام السياسي العربي لتهديد الاستقرار في روسيا. ومن ضمن الأسباب التي تدفع إلي الاعتقاد أن الولايات المتحدة وروسيا علي وشك أن يشتبكا في حلقة جديدة من حلقات الحرب الباردة لأن السياسيين في الدولتين فشلوا في سعيهم المتقطع علي مدي سنوات لوقف تدهور العلاقات بينهما .ولايمكن تطوير الاتفاقات الروسية الأمريكية. الااذا كانت الإدارة الأمريكية علي استعداد للسير في طريق الحل السياسي في سوريا ..و أن واشنطن لم تبلغ موسكو بتعليق التعاون معها ولايمكن استبعاد أن يحصل ذلك في أي لحظة. وأمريكا قامت بحشد الدول في مجلس الأمن الدولي لرفض المشروع المقدم من جانب روسيا والذي يقضي بالوقف الشامل للقتال في حلب لسببين هما أن المشروع الروسي يحبط كثيرا من المؤامرات الأمريكية في داخل سوريا والتي تهدف إلي تسليم مدينة حلب بالكامل للدواعش والثاني انتقاماً من روسياً باستخدامها حق ¢الفيتو¢ لأسقاط مشروع القرار الفرنسي والذي كان يدعو إلي وقف إطلاق النار في حلب وفرض حظر للطيران في أجوائها أما مشروع القرار الروسي فدعا إلي التنفيذ الفوري لوقف الأعمال القتالية بشكل كامل في جميع المناطق السورية والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية لمستحقيها في المناطق المتضررة..ويبقي السؤال الي متي ستظل التصريحات الفشنك بين القوي العظمي ؟!