الحاجة ماسة قبل أي وقت مضي لصحافة وإعلام مصري قوي وقادر ومهني.. يدرك بعمق ماتتعرض له البلاد من مخاطر ولا يري إلا الحقيقة ومصلحة الوطن والمواطن ولا يبغي إلا وجه الحي الذي لا يموت.. لكن المشهد الإعلامي طغت عليه مشكلة تلو الأخري مرة في مجلس نقابة الصحفيين وأخري في قطاع الأخبار وآخرها في وكالة أنباء الشرق الأوسط.
أتحدث عن النقابة وأعترف بصعوبة الكتابة عن نقد مؤسسة أحبها واحترمها.. ولولا أن بعض مسئوليها أرغمتني قراراتهم علي هذا ما فعلت.. فقبل أيام أعلنت نقابة الصحفيين عن فتح باب الحجز بالمقابر.. أدهشني الإعلان إلي أبعد حد.. ألم يجد الزملاء في مجلس النقابة عملا أفضل من هذا للقيام به؟ هل لا يوجد أهم من بيع المقابر بعد أن أطلوا علينا بأزمتهم الأخيرة مع وزارة الداخلية؟ لا أعرف كيف يعلن المسئول عن لجنة الإسكان. ولاحظ أن اسمها "لجنة الإسكان" عن بناء مقابر علي مساحة 11 فداناً في الوقت الذي تطالب جموع الصحفيين بتقديم الحلول العاجلة للابقاء علي المهنية الصحفية علي قيد الحياة.. لا أقلل من شأن خدماتهم الجليلة لتوفير مكان للدفن ولكن اتساءل من الذي سندفنه؟ واتمني ألا ندفن احترام المواطن لعراقة وجلال أرقي مؤسسات الفكر بالبلاد.
استأذنكم في دقيقة لدخول الاجواء التي أعلنتها النقابة لمقابر الصحفيين الاموات بقاعاتها المكيفة ونظام التشغيل الصوتي الذي يبث الدعاء بالرحمة علي مدار الساعة.. وفوق هذا وذاك أطلقت النقابة علي آخر ما انجزت من مشروعات "الغفران" ويتطلب حجز الغفران الأصغر 50 ألف جنيه. و80 ألف جنيه للغفران الأكبر. وتتراوح مساحات المغفرة من 20 إلي 40 متراً.
لا أعرف هل ورد بذهن مبتكر التسمية وحاجزي المساحات ودافعي الايصالات تشابه اسم المشروع مع صكوك الغفران التي كانت توزعها الكنيسة الأوروبية في العصور الوسطي بالمتر أيضاً.. لكني متأكد أن مجلس النقابة فكر في الموضوع بشكل علماني يضمن الربح المعتبر للشركة التي تبني المقابر علي احدث طراز حيث تضمن أسوار المشروع. وفقا للإعلان الرسمي للنقابة. الخصوصية الكاملة بأعلي مستوي إضاءة ورصف للطرق بمواد أنا شخصيا لم أعرف كيف أنطقها.. لكني أشكر مجلس النقابة لاتاحته هذه الفرصة العظيمة للشباب! رغم ما ينطوي عليه ذلك من معان خبيثة. إلا أن من لديه من شباب الصحفيين القدرة ليدفع وهم أقلية نادرة أيضا فرصة للربح في حال بيعه لأمتار الغفران بعد عدة سنوات.!
أنا شخصياً لم أغفر لمجلس النقابة الاخطاء المتتالية من وجهة نظري في حق الصحافة والوطن والمواطن.. ولن أحجز متراً واحداً داخل أسوار غفرانهم.. وأدعوهم أن يقدموا "مساكن الرحمة" للصحفيين الذين يسافرون بالقطار يوميا بين بنها والزقازيق وبقية المحافظات القريبة والبعيدة من القاهرة ومقرات مؤسساتهم الصحفية بالقاهرة.. أو يقدموا "مبادرة الصبر والسلوان" لتحسين الاحوال المعيشية لأبناء مهنة راقية يتعرضون أكثر من غيرهم لقسوة الظروف المعيشية.. ولا يدخر منهم أحد مليماً واحداً لحجز شقة أو مقبرة. بل أن دخله لا يفي أساساً بمتطلبات أسرته المعيشية. لو كان أصلا قد تزوج.. وأرجو أن تجاملني النقابة باختيار مقبرة بموقع متميز ..!!