قدرى ابو حسين
الإدارة المحلية .. وحلول ناجزة
تعتبر التنمية الشاملة من أهم الأهداف التي تسعي إلي تحقيقها المجتمعات ومن أسمي الغايات التي توضع من أجلها السياسات والقرارات. وذلك لتحقيق الرخاء والرفاهية للشعوب ولا يمكن أن تتحقق التنمية في أي مجتمع بدون ادارة واعية ورشيدة تحقق شمولية واستدامة التنمية. لقد أوجدت المتغيرات الدولية والإقليمية مجموعة من التحديات لمجابهتها يقتضي تكريس الفكر لأن تكون هناك ارادة للتنمية تتوازي معها ادارة علمية للتنمية. واذا كانت المحليات في كل وقت وأوان هي السبيل الأمثل لتحقيق التنمية إلا اننا في الوقت الحالي أحوج ما نكون إلي تنظيم محلي تتفاعل من خلاله كل مقومات التنمية المجتمعية. وتعبر به مصر أزمتها الحالية. لذا كان الحرص علي اعداد تصوير لوجهات نظر تتوافق مع الأوضاع الحالية ليكون لدينا ادارة محلية تحقق ما يأمله المجتمع من تنمية وتطوير في كل مناحي الحياة لينهل منها ما يعنيه علي الممارسة الجيدة الا ان المستهدف الرئيسي هم المرأة والشباب الجناحان الفاعلان في قضية التنمية.
والبناء المؤسسي السوي لأي منظمة شرط أكيد لتحقيق أهدافها حتي ولو توفرت لها كل عناصر ومقومات النجاح الأخري. ولا يختلف أحد علي أننا في منظماتنا الحكومية قد ندبر لها كل المقومات الا اننا في أحيان كثيرة نغفل أو نتغافل عن توافر الاتساق في التنظيم واللوائح ثم نكتشف سريعا تواضع وضآلة عوائدها ومخرجاتها. ولا تلبث الطموحات التي علقت عليها والآمال التي كانت ترنو لها في التواري والضمور ويتنامي في المقابل احباطات العاملين والمتعاملين ثم تصبح هذه المنظمة عبئا علي كاهل المجتمع.
ولعل نظام الادارة المحلية في مصر وهو المعني بمعظم أمور المجتمع الحياتية أبرز مثال علي ذلك. فقد انعقدت عليه الآمال ليقود مجتمع التنمية علي المستوي الجغرافي والنوعي. وان كان قد حقق نجاحات لا ريب فيها وتصدي لمسئوليات جسيمة خاصة في أوقات الأزمات والكوارث والنكبات. الا انها نجاحات مرجعها مبادرات واجتهادات وقدرات فردية وليست نتاج تنظيمات سوية ولو كنا قد حرصنا علي كفالة بناء مؤسسي سليم لهذا النظام لكانت مخرجاته أوفر ولتحقق للمجتمع من خلاله أعظم الانجازات. واللامركزية الإدارية ليست ترفا تشريعيا ولكنها ضرورة من ضرورات التنمية بل يمكن اقرار بديهية تلازم التنمية المتواصلة والمتكاملة مع اللامركزية يرجع ذلك إلي أسباب موضوعية منها تزايد عدد السكان وتنوعهم وانتشارهم الجغرافي وتنامي الخدمات التي يحتاجها المجتمع وتأصل مفهوم العدالة والديمقراطية في الوجدان المجتمعي.
وقد تعرضت تجربة الادارة المحلية في مصر للنقد لعدم تناسب المحقق مع الأهداف التي كانت ترجي من هذا التنظيم وان كانت المظاهر محل النقد ليست موضع خلاف لكن غير مقبول ارجاعها إلي أسباب غير حقيقية أو واقعية مما يزيغ البصيرة عن الأسباب التي يجب تداركها.
وفي معظم الأحوال كان البشر هم بؤرة النقد "ولو أنهم عينة من وعاء المجتمع ان لم يكن أفضلها" وتحميلهم علي المستوي الشخصي والفردي والفئوي كل وزر فيه قفز إلي نتائج لا تبررها مقدمات والأولي من ذلك والأهم أن نمعن النظر في سلامة البناء المؤسسي وقدرته علي تحقيق الأهداف المقررة والتشريعات واللوائح التي تنظمها. خاصة ونحن بصدد قانون جديد ينظم الادارة المحلية حتي تكون فعلا وواقعا قاطرة للتنمية ومجالا خصبا لتأصيل الديمقراطية ولتكون رافدا يمد مجلس النواب بالشباب ذوي خبرة ودراية بمشاكل المجتمع راصدا لحلولها الواقعية والناجزة