في البداية.. أريد أن أشكر وأحيي الوزير الديناميكي النشيط خالد عبدالعزيز. وزير الرياضة.. ما إن علم بمرض عادل هيكل. حارس مرمي المنتخب والأهلي. حتي أرسل كل مصاريف العلاج. مع تمنياته بالشفاء للأسد الذي دافع عن عرين مصر وناديه سنوات طويلة.. هكذا تكون العلاقة بين الحكومة والصحافة.. بين السلطة الثالثة والسلطة الرابعة.. اللمسات الإنسانية ليست غريبة علي ابن أستاذنا محمود عبدالعزيز. مدير تحرير "الجمهورية" ثم "الأهرام" واحد من خير من عرفتهم في حياتي.. رحمه الله.
* * *
أعود إلي تكملة حكايتي مع "المساء"..
كنت أعمل في "المصور" برئاسة فكري باشا أباظة بشرط أن أعمل في باب الرياضة ولا أتعداه!!.. ولجهلي بالرياضة ومعلوماتي لا تتعدي معلومات متفرج في المدرجات.. أحياناً!!.. خاصة عندما يلعب الأهلي.. لذلك عملت "علي هامش الرياضة" وكان أول عمل لي حديثاً مع بوشكاش في السفارة المجرية مع كبير المصورين محمد صبري. استغرق 12 صفحة في "المصور" مع صورة علي الغلاف.. حديث اجتماعي وسيرة ذاتية مع هامش رياضي ضئيل.. كان له صدي لم أتوقعه قط.. بدليل أن إميل بك زيدان. صاحب الدار كلفني بموضوع رياضي!!.. كل أسبوع!!!... واستمر العمل بالكتابة عن الرياضة بقلم "جاهل في الرياضة"!!.. عدة شهور.. وفجأة زارني أستاذنا الكبير "لطفي الخولي" وهمس في أذني أن خالد محيي الدين في مصر. ويريد أن يراك اليوم ضروري!!.. وكنت قد عاهدت فكري باشا وعاهدت نفسي أن أبتعد تماماً عن السياسة.. فذهبت إلي فكري باشا الذي فوجئ بطريقة غريبة. وعاد يسألني ليتأكد: خالد محيي الدين في مصر؟!!.. نعم.. ويريد أن يراني!!.. ولطفي الخولي جالس الآن في مكتبي.. شدني فكري باشا من ذراعي وذهبنا إلي إميل بك زيدان.. وقلت مرة أخري ما قاله لي لطفي الخولي.. وأخذ فكري باشا وإميل بك يتبادلان النظرات ذات المعاني والتوقعات. وأنا حائر بين الاثنين.. أريد منهما قراراً.. أذهب.. أم لا؟!.. قالا لي: اذهب.. وعندما تعد اروي لنا بالتفصيل كل شيء.
كانت هناك كافيتريا مشهورة اسمها "ميلك بار" بار الحليب!!!.. علي ناصية سليمان باشا وعدلي.. كافيتريا واسعة جداً.. الأرضية مثل ملعب الكرة. مغطاة بالحشيش.. المهم وجدت خالد محيي الدين في ركن بعيد وحوله كل اليساريين في مصر من رجال الأدب والصحافة.. وأخذني خالد بك علي جنب وقال لي:
ــ ستعمل معي في جريدة جديدة اسمها "المساء" ستصدر في أول أكتوبر.. هناك مبني في شارع الصحافة أمام دار أخبار اليوم يجلس فيه الآن مصطفي بهجت بدوي. مدير الجريدة. يوقع عقوداً مع الذين سيعملون معي.. هو في انتظارك الآن!!
ثم طبطب علي ظهري بروح الأبوة.. وقال: ياللا اذهب إليه.
طبعاً عدت إلي "دار الهلال" ورويت ما حدث لفكري باشا وإميل بك. وعادت النظرات ذات المعاني بين الاثنين.. ثم سألتهما: ما الحل؟!!.. قالا لي: أنت مجنون؟!!.. دي فرصة العمر لك.
وذهبت إلي مصطفي بهجت بدوي في الدار. وبدأت أقول له عن عملي في "المصور" وأصل الحكاية.. قاطعني قائلاً:
ــ احنا عارفين كل شيء.. الورقة التي ستوقعها أهه. المكتوبة قبل مجيئك عليها "رئيس القسم الرياضي" أنت عاوز صفحة كاملة رياضة. كل هذا معروف. واتخذ فيه قرارات!!
.. وبدأ المشوار.. أحلي مشوار في حياتي.. إلي أن خطفني رغم أنفي المرحوم صلاح سالم في ديسمبر 1959 لأعمل معه في "الجمهورية".. قضيت أحلي سنوات في حياتي الصحفية من أكتوبر 1956 إلي ديسمبر .1959