الأهرام
عماد رحيم
لماذا لا تحتوى الحكومةغضب الناس؟!
هناك تباين واضح بين جموع الناس فى مصر من حيث طريقة المعيشة والثقافة والتعليم، ولكن فى المقابل يوجد شبه إجماع على أن هناك درجة كبيرة من الغضب اتفق عليها المصريون، رغم اختلاف الأسباب!
ويمكن طرح عدة أمثلة للتوضيح، أبدأها بطريق الموت القاهرة الإسكندرية الزراعى «سابقا»، الذى استخدمته ذهاباً وإياباً يوم الخميس الماضى ـ 6 أكتوبرـ ليصيبنى الذهول من هول ما رأيت، المسافة كانت طويلة، وجزء كبير منها تم رصفه وتجديده، وأجزاء أخرى يتوقف عندها الرصف بشكل مفاجىْ، فعندما تسير السيارات بالسرعة القانونية 90 ك، وبلا أى تحذير تجد هبوطا فى الطريق ـ فرق الرصف القديم من الجديد ـ عمقه فى حدود 40 سم، فعليك أن تتقبله، وتصاب سيارتك بخسائر، أو تتفاداه وهنا يمكن أن تصطدم بالسيارة المحاذية لك، هكذا بكل بساطة، دون أدنى إحساس بالمسئولية، وبلامبالاة عجيبة، وهنا، نسبة وقوع الخسائر كبيرة وقد تصل للموت!

الأكثر استفزازاً هو حالة الطريق ليلاً، لا توجد إنارة فى تلك الأجزاء، كما لا توجد علامات إرشادية مضيئة كما كان يحدث بطريق ـ الأثرياء ـ القاهرة الإسكندرية الصحراوى، فى فترة تجميله، مما يدعونا لتساؤل مشروع، لماذا هذا الإهمال الجسيم، قد تكون هناك مبررات لعدم إنهاء رصف الطريق بالكامل، ولكن ما هى مبررات عدم تحذير الناس من سوءات الطريق، حفاظاً على ممتلكاتهم وأرواحهم بهذه الأريحية المؤلمة!

ثم إلى متى سيظل مدخل القاهرة بهذا القبح المستمر، بضعة كليو مترات يتم إنهاؤها فى ساعة ونصف الساعة نظراً لعدم نهو أعمال تطوير المدخل؟، ولا عزاء لهدر الطاقة أو الوقت، ففيما يبدو أصبحا من الرفاهات التى تحتل ذيل قائمة اهتمامات الحكومة، ناهيك عن عدم مشاهدتى أى خدمات مرورية ذهاباً وإياباً!

مثال آخر، منذ فترة أعلنت الحكومة تركيب عدادات كودية للوحدات المخالفة، لحساب الاستهلاك الفعلى للتيار الكهربائى، بدلا من عمل محضر سرقة تيار وحساب السرقة بشكل جزافى قد لا يتناسب مع حجم الاستهلاك الفعلى، وتقدم مئات الآلاف من الناس لطلب الحصول على هذه العدادات، بعد أن فرضت عليهم الظروف سرقة التيار الكهربائى، ووقوعهم تحت طائلة القانون، وحتى الآن لا تتوافر تلك العدادات بالكمية التى تكفى الناس، علماً بأن المستهلك هو من يدفع قيمتها، وبعد أن ارتضى المواطن بهذه الطريقة فى التعامل، يثور التساؤل لماذا الإصرار على أن يسرق الناس الكهرباء حتى الآن، ولماذا يجب عليهم أن يعيشوا فى إطار مخالفة القانون، فى إنتظار وصول مباحث الكهرباء لعمل محاضر سرقة تيار كهربائى، واستمرار العمل فى هذه الدائرة الغريبة، دون معرفة عدم أسباب الخروج منها! بالإضافة إلى الارتفاع المتوالى فى أسعار الكهرباء.

ثم نأتى لأزمات المرور المتصلة منذ سنين طويلة، فالعمر يمر فى طريقه إلى الكبر، وأيضا مشكلة المرور تزداد تعقيداً يوما بعد يوم، حتى أصبحت هناك علاقة ترابط قوية بيننا وبين أزمات المرور وباتت جزءا أصيلا من حياتنا اليومية وأمست الحلول شفهية، مع وعود براقة تأخذ العقول لخيالات مبهرة، أما الواقع فحدث ولا حرج، فالطرق الرئيسية مثل الدائرى والمحور وصلاح سالم والأوتوستراد وغيرها-، تصاب بالشلل التام فى أوقات كثيرة ولا يبدو فى الأفق أي حلول عاجلة أو حتى آجلة، مع أن حل بعض تلك الأزمات يأتى بصيانته، والبعض الآخر بخدمات مرورية ملموسة، تعيد للطريق هيبته واحترامه، ولأن الأزمة مسئول عنها عدة جهات مثل المحليات والداخلية ووزارة النقل، ستجد كلا منهم يرمى بالمسئولية على الآخر، لتتوه بينهم ويظل المواطن محصورا إلى حين!

وفى سياق متصل، يجىء الحديث عن تجديد تراخيص السيارات، هو يوم فى العام يذهب فيه مالك السيارة لتجديدها، ولكنه يوم مرير، يكرهه جميعنا، نظرا لسوء الإدارة وكذا المعاملة، تجديد السيارة يحتاج لأمرين الأول فحصها، وهنا يمكن تحديد جهات محايدة تحت رقابة وزارتى الداخلية والبيئة، تختص بفحص السيارات والتأكد من جاهزيتها وصلاحيتها بالنسبة الآمنة المسموح بها دولياً، مع حصول المالك على شهادة تؤكد سلامة الفحص.

والأمر الثانى متعلق بإنهاء أوراقها، وهنا يمكن لوحدات المرور أن تتفرغ لإنهاء هذه الأوراق، وهى كلها مرتبطة بدفع قيم مالية مختلفة، سواء دفع مخالفات أو ضرائب أو تأمينات، فما يضيرنا لو أنشأنا استمارة واحدة تحتوى على خانات الضرائب والتأمينات والمخالفات .. ألخ، مسجلة على نظام كمبيوتر مركزى محمى بنظام رقابى صارم، وبعد تحصيل تلك المبالغ المتنوعة، يتم ترحيلها لحساباتها المختلفة من خلال النظام المحاسبى المركزى، ومن ثم استخراج رخصة السيارة بهدوء ويسر، وهكذا يتم القضاء على العشوائية الإدارية المستهلكة لطاقات الناس بلا عائد. هذا إن أردنا التيسير على الناس!

الحكومة مشغولة بفرض ضرائب جدية من أجل سد عجز الموازنة العامة للدولة، وتسوق للمواطنين مبررات واهية تحت مزاعم مستفزة، والناس لا تملك من أمرها شيئاً، و تناست أن أهم أدوارها هو تنظيم حياة الشعب، وليس إثارة غضبه بلا داع.

مع أن حلول بعض الأزمات تحتاج لكثير من الجهد، قليل من الأموال التى سيدفعها المواطن فى النهاية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف