تسأل نفسك وأنت تمشي في شوارع بلادنا.. هل نحتاج كل هذا الكم من المقاهي؟.. وهل نحتاج كل هذا الكم من الموبايلات وفيم نستخدمها يتساوي في ذلك الغني والفقير؟.. والسؤال الأهم: هل نحتاج كل هذا الكم من المساجد والكنائس وهل انعكس هذا العدد في سلوكنا علي أساس أن الدين في مجمله مجموعة من العبادات هدفها في نهاية الأمر مجموعة من القيم الأخلاقية ووضع التقاليد والأعراف في التعاملات بين الناس بعضهم البعض.
أطرح هذه الأسئلة علي نفسي وعلي كل مصري.. بكل صراحة وأتمني أن نبحث عن إجابة ترضي.. ضمائرنا.. حتي يمكن لنا أن نصلح من عيوبنا وأظن أنها كثيرة.. والفالح فينا من يعترف بعيوبه ولا يكابر في ذلك.. وهذه هي دائما وأبدا نقطة التحول من الفشل إلي النجاح.
كل هذه المقاهي التي تزدحم في أغلب الأوقات وخاصة في أوقات العمل.. ويدهشك أن يكون أغلب الرواد من الشباب وإذا سألت أحدهم ماذا تعمل؟ ستكون إجابته: أنا أبحث عن عمل؟.. وتخجل بالتالي أن تسأله: ومن أين تنفق علي مشاريبك وألعابك أيها العاطل؟.. ويكون من الطبيعي أن تهمس إليه: ولماذا لا تقبل بوظيفة أو شغلانة قد لا تحبها.. ولكنك تحب ما تعمل حتي تجد ما يناسبك.. والمهم أن عملك هذا من النوع الشريف.. وكثير من الشركات تعلن.. وأماكن الاستثمار في منطقة قناة السويس فيها الكثير من فرص العمل.. أيضا.
الترفيه حق إنساني.. لمن يعمل ويتعب.. والمقهي قد يكون موقعا لمقابلة الصديق والكلام في شغل لكنها أبدا ليست ساحة لتسلية بدون عمل.. ولا يصح حتي لمن يكسب ويتعب طوال النهار أن يبدد حصيلته في اللعب وعلي الشلة ويرجع إلي بيته مفلسا ويدخل في أزمة مع زوجته وعياله وهل يصح أو يعقل في بلد يعاني غالبية أهله اقتصاديا أن تهدر كل هذه المليارات في الرغي البطال والألعاب والأغاني.. فهل أصبحنا أمة فارغة لا تنتج سوي الفراغ وتعيش علي استهلاك ما ينتجه غيرها من أمم شغالة وفي نفس الوقت تعرف كيف تستمتع بوقت فراغها وأيام الإجازات ثم نأتي إلي السؤال الذي يبدو مستفزا للبعض.. وقد تحولت مداخل العمارات إلي المساجد والمسافة بينها وبين بعضها عدة أمتار قليلة ونري جموع المصلين وقد تفرقت بين المساجد أشتاتا.. بينما كلمة "جامع" أصلها الجمع والجموع والإحساس بجماعة الإسلام في حشدها وقوتها وليس في طوائفها ومذاهبها وانقسامها.. ونفس الشيء ينطبق أيضا علي الكنائس.. فالحمد لله دور العبادة كافية والمهم أن نجد الدين في سلوكنا وحياتنا.. ومع أزمة فصول المدارس لماذا لا نستثمر المساجد في التعليم كما كان يحدث من قبل فهل نسينا أروقة الأزهر وما قدمت لنا من علماء.
والآن أعود إلي أسئلتي التي طرحتها في بداية مقالي وأتركها للعقلاء وأصحاب الضمائر.. ومن يحب هذا الوطن بصدق.