هالة فهمى
جيل بلا ذاكرة .. جيل بلا كرامة!!
في طفولتنا لقنونا أشياء كبرت معنا تنفسناها.. والآن عندما نكلم الصغار عنها.. كأننا نحدثهم عن العنقاء والغول وأم الشعور.. ليس مجرد خيالات.. بل خيالات غير مصدقة.. عندما تحكي لبعض الشباب عن الشهيد البطل الذي سد دانة المدفع بصدره ليمر الجنود في حرب الكرامة حرب أكتوبر.. تسمع همسات الشباب.. يسخرون من هذا الخيال.. ولو حدثتهم عمن جاعوا وعطشوا وشربوا ماء تبولهم في صحراء سيناء وهم يدافعون عنها.. سمعتهم يسخرون "كبر الجمجمة يا عم" صدمني هذا الاحساس وأنا أتكلم عن حرب أكتوبر والنصر العظيم.. حتي صدمتني جملة أحدهم كل هذا لأجل قطعة أرض؟! وعلي غير عادتي ثرت عليه مؤنبة.. أخبرته أن قطعة الأرض تلك ارتوت بدماء مائة ألف شهيد علي مدار حروب متعاقبة.. إننا لو فرطنا في الأرض كمن فرط في عرضه.. وأننا لا نملك إلا أرواحنا ثمناً زهيداً للدفاع عن مقدساتنا.. وأن الأرض ليست حبات رمل وطين.. الأرض تاريخ وذكريات ورسالات.. في بطنها يرقد الجدود.. أخبرته أن الأجيال التي حاربت في سيناء لتستردها لم تكن من أجيال المسخ.. الذين ننظر إليهم الآن فلا نعرف الذكر من الأنثي ملبساً وسلوكاً.. تلك الأجيال التي حاربت كانت تمتلك ذاكرة عامرة بتاريخ الأجداد وشرفهم.. أما الجيل الحالي الممحوة ذاكرته عن عمد وعلي مدار سنوات خلت تكاتف فيها الاعلام والدراما والتعليم لبث السأم إلي عقولكم من خلال ما يقدم منذ السبعينات وحتي الآن دون تطوير أو تجديد بما يناسب أفكاركم وطرق حياتكم.. جيلاً بعد جيل حتي وصلنا لجيل القرود والقطيع.. الذي يقلد بلا تفكير وينساق بلا وعي.. أصبحت القلة الفاهمة منكم هي الاستثناء.. لك الله يا مصر أصبح عبئك ثقيلاً.
وفي ذكري النصر نناشد كل مسئول ان يشعر بواجبه نحو وطنه وأحفاده.. أن ينهض التعليم والثقافة والاعلام لبث بذور الذاكرة وإعادة قراءة التاريخ لعل تنمو ثمرات العزة والكرامة ويعود جيل الرجال.. ولكن كيف هذا ومن يقوم علي آليات تلك المؤسسات من غير الاكفاء وذوي الرؤي المحدودة.. نحن في مرحلة بناء للوطن ولا وطن بدون مواطن.. ولا مواطن بلا ذاكرة.. ولا ذاكرة بدون كرامة يعلمون ويتعلمون ان الروح فداء لها خاصة إذا كانت كرامة وطن.
كل عام ومصر بخير وتنهض من كبوتها قريباً فتية.. عصية علي كل طامع.
رحم الله الشهداء وبارك لنا في جيشنا وشعب مصر خير أجناد الأرض.