المساء
محمد جبريل
التعدي علي الأرض الزراعية.. بالملايين!
في أفلام زمان. كانت السيارة تنطلق في الطريق. والخضرة علي جانبيها إلي نهايات الأفق. ثمة الغيطان اللي آخرها المدنا وأبراج الحمام والسواقي اللي ما نامت ليلة من كام ألف عام. والوصف لعبد الفتاح مصطفي في أغنية أم كلثوم.
وفي رواية "الرباط المقدس" لتوفيق الحكيم. ظل الرجل مستمتعا بتأمل الزراعات علي امتداد المسافة من باب اللوق حتي حلوان بيئة ريفية تماما. كانت تسد معظم احتياجات العاصمة من المنتجات الزراعية.
تبدل الحال - فيما بعد - بالتسقيع والتجريف وبناء قمائن الطوب وإنشاء البنايات علي الأرض الزراعية. ورغم تهديدات يوسف والي - أخطر من أساء إلي البيئة الزراعية المصرية باختراعاته المهلكة - بأنه سيلاحق مرتكبي جرائم التبوير. فإن المشكلة ظلت علي حالها. وانعكست سلبياتها في قلة المحاصيل الزراعية. مع تنامي زيادة السكان. مثل ذلك. مع مشكلات أخري مثل فساد البذور والمخصبات واستخدام المبيدات دون رقابة. خطرا لازلنا نعاني تأثيراته.
عمق من المشكلة ان العديد من الجامعات الاقليمية - وأخص جامعة المنيا - أهملت الظهير الصحراوي. وفضلت إنشاء كلياتها ومعاهدها علي الأرض الزراعية.
وأذكر ان مركز الاستشعار عن بعد. أجري مسحا علميا في أعوام السبعينيات. أثبت سيطرة مساحة البنايات علي الأرض الزراعية بنسبة 120% أي أكثر من ضعف المساحة المخصصة للزراعة تقلصت مساحة الخضرة بما بدل الطبيعة الزراعية للكثير من القري والمدن في الصعيد والدلتا.
الغريب أنه بعد أن ضاعت الأرض الزراعية في المنيا وغيرها من مدن الصعيد. اهتمت الحكومة - متأخرا للغاية - بإنشاء الظهير الصحراوي. صار جزءا من المشكلة وليس حلا لها. فقد اشتري الأرض من أقاموا الدور والفيلات. بينما الزراعة - قوام حياتنا - تبحث عن المساحة التي تسد بها احتياجاتنا من الطعام.
لقد بلغ إجمالي عدد حالات التعدي علي الأراضي الزراعية في مصر حوالي 1.5 مليون حالة. من يناير 2011 إلي أغسطس 2016.
المصدر مركز بصيرة التابع للحكومة المصرية. الأرقام - كما تري - مؤشر باللامسئولية التي تعامل بها الجميع. الأفراد والهيئات الحكومية. مع أهم ثروات بلادنا.
حتي الآن. فإن حملات إزالة الاعتداءات علي الأرض الزراعية تطالعنا بين فترة وأخري في الصحف ووسائل الاعلام. لكنها أقرب إلي علاج مرض خطير بحبة اسبرين. وهو ما تدل الأرقام التي ذكرتها علي خطورة المنزلق الذي يتجه إليه مستقبل أحفادنا!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف