الجمهورية
جلاء جاب اللة
تساؤلات منطقية.. في العلاقات المصرية السعودية
ليست مفاجأة أن تكون العلاقات المصرية السعودية علي المحك وأن تظهر علي الملأ بعض مظاهر التوتر والخلاف.. وليس عيبا ان تكون هناك خلافات بين الأشقاء ولكن العيب والخطورة ان تصل الخلافات الي قضايا استراتيجية أو تضرب الأخوة لصالح أعداء العروبة والاسلام ولعل ما حدث مؤخراً خاصة بعد تصويت مصر في مجلس الأمن لصالح مشروعي القرارين الروسي والفرنسي وما استتبعه من رد فعل سعودي لم يكن دبلوماسيا ولا مطلوبا في هذا التوقيت حيث كان رد فعل مندوب السعودية في الأمم المتحدة متعجرفاً متعالياً ولا مبرر له..!! وعلي العكس جاء رد فعل مندوب الامارات متوازناً محترماً!!
في نفس الوقت حاول البعض- خاصة أصحاب الهوي في الدول الغربية- أن يربط- بقصد- بين التصويت المصري وقرار شركة أرامكو السعودية بتوقف امداد مصر بالنفط عن شهر أكتوبر.. ولعل هذا ما يدفعنا الي طرح عدة تساؤلات منطقية في هذا الشأن.
أولاً: ما هي نوعية العلاقة المصرية السعودية في عهد الملك سلمان؟ هل تغيرت عن عهد الملك عبدالله رحمه الله؟ وهل العلاقات المصرية السعودية يمكن ان تتأثر سلباً بسبب مواقف سياسة خارجية؟
ثانياً: لماذا لا تكون هناك مكاشفة ومصارحة ووضوح في الرؤية خاصة أنه ليس خافياً علي أحد أن الرؤية المصرية تجاه سوريا مثلا تختلف عن الرؤية السعودية.. فالمملكة تري الساحة السورية ميدانا مناسبا للصراع العربي الفارسي.. والخلاف العقائدي السني الشيعي.. بينما مصر تنظر الي الأزمة السورية نظرة أشمل وأعمق لأن غياب الحل السياسي في الأزمة السورية يعني تقسيم سوريا وانتشار الارهاب وفقاً لجماعات الارهاب المسلحة التي سيكون ميدانها التالي هو السعودية أو مصر أو كلاهما!!
ثالثاً: من المستفيد من اشعال فتنة الخلاف بين مصر والسعودية وهما جناحا الاعتدال العربي وتحالفهما الاستراتيجي هو رمانة الميزان للحفاظ علي ما تبقي من التحالف العربي بعد غياب لأربع دول وانقسام في أربع أخري وهي فلسطين والصومال ولبنان والسودان والعراق وسوريا وليبيا واليمن؟!
رابعاً: ماذا لو اعتمدت مصر مثلا علي النفط الايراني كبديل للنفط السعودي أو كانت المناقصة التي أعلنت عنها وزارة البترول لانقاذ الموقف بعد اعتذار شركة أرامكو من نصيب شركة نفط ايرانية؟ هل ساعتها سيعتبر البعض أنه موقف تجاه السعودية أم ان مصر تبحث عن حل لأزمة داخلية بأقل التكلفة؟
في نفس الوقت ماذا نسمي التحالف الاقتصادي الجديد بين السعودية وتركيا وفي هذا التوقيت بالذات؟ هل يمكن اعتباره مقصوداً ضد مصر والتي لا يخفي علي أحد مدي الخلاف بين القاهرة وأنقرة؟ ولا يخفي علي أحد هذا التعنت التركي تجاه مصر ومواقف أردوغان السيئة "وهو أقل وصف ممكن" تجاه مصر؟
خامساً: هل يمكن ربط المساعدات السعودية خاصة والخليجية بشكل عام بالمشاركة المصرية في حرب اليمن من خلال قوات علي الأرض برغم ان مصر لها مشاركة في باب المندب أو بطرق أخري؟ أليس هذا الربط يجعل من مصر قوات من المرتزقة؟ وأليس هذا الموقف- ان كان موجودا- يضر بالعلاقات بين الأشقاء ويجعل المصلحة والمقابل هي أساس العلاقة وليس الاستراتيجية والأخوة والروابط المشتركة وهي أكبر بكثير من الحرب ضد الحوثيين أو الموقف ضد بشار الأسد؟ وهل يمكن ان تكون المساعدات الآن وسيلة للضغط أم المن علي مصر التي كانت يوما هي الأم الحقيقية لكل العرب رعتهم.. وأعطت بلا حدود في كل المجالات؟ هل يمكن ان تكون المساعدات وسيلة للضغط بين الإخوة؟
سادساً: هل يعي الإخوة في السعودية المأزق الذي يعيشه العرب الآن في ظل مخطط لتقسيم المنطقة لا يعفي السعودية نفسها من التقسيم ولا يعفي مصر أيضاً؟ وهل يدرك الاخوة في الخليج ان الحفاظ علي مصر قوية والحفاظ علي روابط الأخوة بين مصر والخليج والسعودية بالذات هو صمام الأمن والأمان للمنطقة وحائط الصد الحقيقي لمواجهة كل ثورات التقسيم ضدنا؟ وهل يعي الجميع أن قانون جاستا الأمريكي ليس موجها للسعودية وحدها بل يطول أيضاً مصر والامارات؟
وهل يعي الجميع ان مخطط التقسيم وتركيع العرب لصالح الصهيونية العالمية لا يفرق بين مصر أو السعودية أو العراق أو سوريا؟ وهل يعي الجميع ان فتنة السنة والشيعة وكذلك السنة ضد السنة والشيعة ضد الشيعة.. ناهيك عن الفتنة الطائفية بين المسلم والمسيحي أو الكردي والعربي أو.. أو.. كل هذه الفتن جاهزة تماماً لضرب الوحدة العربية التي أصبحت هشة بالفعل؟
انتهت التساؤلات وتبقي الحقائق.
الحقيقة الأولي هي أن مصر والسودان غربا والسعودية وكل الجزيرة العربية شرقا وطن واحد يفصل بينهم البحر الأحمر فقط والشعوب واحدة والأواصر واحدة والعلاقات واحدة ولا يمكن لأي نظام سياسي أو مصالح حقيقية ان تفرق بين هذا الوطن الواحد.
الحقيقة الثانية هي ان أمن مصر يمتد حتي الخليج العربي.. وان أمن الخليج بالنسبة لمصر خط أحمر لا يقل أبداً عن أمن مصر نفسها.. وأن الموقف من أحداث اليمن يختلف تماماً عن هذا الأمن وعن جملة الرئيس السيسي الشهيرة "مسافة السكة" لأن الكل يعرف معني وأبعاد تلك الكلمة الاستراتيجية.
الحقيقة الثالثة: ان من يحاول اللعب في العلاقات المصرية السعودية هو الخاسر وأن من يحاول اللعب علي وتر الخلاف واهم.. فالعلاقات أقوي بكثير من أي خلاف في الرؤية السياسية أو خلاف في رأي تجاه قضية ما.. وليس لهذا التحالف الاستراتيجي الطبيعي مبرر بمساعدات تقوم بها السعودية راضية لمصر الآن أو مساعدات كانت تقدمها مصر كفرض عين للسعودية يوما ما قبل ظهور النفط!!
الحقيقة الرابعة: ان التطاول علي مصر من بعض قصار النظر ولمدعي الرؤية في المملكة مرفوض تماماً سواء كان هذا الرفض من مصر أو من داخل المملكة نفسها..وبالمثل فان أي تطاول علي السعودية مرفوض مرفوض مرفوض لأن العلاقات والروابط والوشائج بين الشعبين وبين البلدين وبين قيادات البلدين أقوي بكثير من أي خلاف بدليل ان الغرب هو الذي يغذي أي صورة لخلاف في الرأي بين البلدين ويجب ألا ننساق خلفه!!
الحقيقة الخامسة ان السعودية ومصر هما حصن العروبة والاسلام ليس اليوم فقط وفي ظل الأزمات والانكسارات التي تعاني منها المنطقة.. بل وفي كل وقت لأنه اذا كانت الانسانية قد عرفت الاسلام في أرض المملكة فان الأزهر الشريف ومسلمي مصر كانوا حصنا قويا للاسلام والعروبة.. ولا يمكن بأي حال من الأحوال ان تنجح أي محاولات لهدم أو حتي شرخ هذا الحصن الحصين لان الله غالب علي أمره ولو كره الكافرون.
* همس الروح
** ربي أسألك حسن الخاتمة وحسن الممات وأن تقبض روحنا علي شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
** اللهم أحسن خاتمتنا ولا تقبض أرواحنا إلا وأنت راض عنا.. آمين
** قيل لأعرابي ان الرغيف أصبح بدينار.. قال والله ما همني حتي لو كانت حبة القمح بدينار فأنا أعبد الله كما أمرني.. والله يرزقني كما وعدني.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف