المساء
محمد جبريل
ع البحري .. الانتخابات الأمريكية.. سباق إلي الحضيض!
شاهدت - منذ حوالي ثلاثين عاما - فيلما عن انتخابات الرئاسة الأمريكية. الصراع - كالعادة - بين مرشحي الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري. لجأ معاونو كل مرشح إلي أحط الوسائل لتشويه المرشح المنافس. علقت علي باب غرفة العملية الانتخابية صورة للمرشح الآخر. يصوبون إليها سهما يعلن الفوز بكل نقطة علي منافسه. المهم هو الفوز. لا شأن للجميع بالنواحي الموضوعية أو الأخلاقية. كل ما يصلح لتشويه صورة الخصم يلجأ إليه المعاونون. نبشوا في سجلات الأحوال المدنية. وفي ملفاته الدراسية والوظيفية. وهواياته الشخصية. ورحلاته في داخل البلاد وخارجها. والأندية التي أنضم إلي عضويتها. وقراءاته ومراسلاته. وآرائه العفوية في الجلسات العامة والخاصة. ومدي ميله إلي تعاطي المسكرات والمكيفات. ولما اقترب موعد العملية الانتخابية. استدعوا صديقا قديما للمرشح المنافس من جزيرة داخل المحيط. روي فيها عن علاقته الشاذة بصديق صباه. مرشح الحزب الآخر. بدا المرشحان جزءا من ركام الوسخ الذي غمرهما. فلم يعد أمام أحدهما فرصة للفوز بأصوات الناخبين. وصارت الطريق ممهدة لمرشح ثالث. مجهول. للإقامة في البيت الأبيض.
القصة الدرامية تتكرر الآن علي الطبيعة. تطالعنا علي شاشات التليفزيون. من خلال المساجلات القاسية بين مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون. ومرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب.
وجدت - شخصيا - في ترامب - منذ ظهوره الإعلامي - ما ذكرني بهتلر وموسوليني وفرانكو وغيرهم من زعماء الديكتاتورية. طريقة الكلام نفسها. التلويح بقبضة اليد. رفع الصوت إلي ما يشبه الصياح. التلفظ بالعبارات غير المحسوبة. والبذيئة. التهديد بالسجن والسحق والبوح بالمسكوت عنه.
السيدة كلينتون أكثر هدوءا من منافسها. دائمة الابتسام. لا تلجأ إلي الصياح ولا المقاطعة ولا التلويح بقبضة اليد. لكنها تلجأ إلي الوسائل نفسها. وربما أقسي في حربها ضد الخصم الجمهوري. نبشت في الأوراق القديمة. أظهرت ما كان نسيه هو نفسه. وفوجئ به. واضطر إلي الاعتذار بأن الكلمات التي قالها ضد النساء. تعود إلي مرحلة الشباب الباكر. وأعاد لها الكرة محملة باتهامات نسائية لزوجها الرئيس السابق بيل كلينتون. بينما الزوج يتظاهر - في إنصاته - بالهدوء وعدم الاكتراث. بل إن ترامب استضاف سيدات ادعين اغتصابهن من الرئيس كلينتون.
قالت هيلاري كلينتون إن ما يفعله منافسها سباق مدمر إلي الحضيض. وهذا صحيح. لكنها - للأسف - تشاركه هذا السباق بهجومها القاسي. إلي حد التشكيك في أهليته. وأنه لا يصلح أن يكون رئيسا للولايات المتحدة.
من يفوز في هذا السباق؟
سباق الفيلم الذي حدثتك عنه انتهي بفوز مرشح ثالث. مجهول. وهو ما يصعب أن يتحقق في السباق الحالي. إلا إذا نفذ الحزب الجمهوري نصيحة قيادات له باختيار مرشح آخر بدلا من ترامب. حتي تعود للجمهوريين فرصة الفوز الضائعة!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف