الجمهورية
بسيونى الحلوانى
أرجوكم.. تعاملوا مع مصر بقدرها
كنت أتمني أن يخرج مسئول سعودي كبير خلال الساعات الماضية ليخرس ألسنة هواة الفتنة والوقيعة والصيد في الماء العكر ويؤكد أن العلاقة مع مصر تسودها المودة والتفاهم والعمل المشترك لصالح الأمتين العربية والإسلامية وأن اختلاف الرأي في قضية أو أكثر لا يفسد الود والتفاهم بين الدولتين.
أقول مسئولا سعوديا- وليس مصرياً- لأن طوفان الهجوم والتطاول علي مصر -قيادة وشعباً- قد انطلق خلال الساعات الماضية من الأشقاء في المملكة ودعم بقرارات اقتصادية مثل وقف ضخ البنزين والسولار المتفق عليه من شركة أرامكو السعودية تنفيذاً لصفقة اقتصادية بحتة.. كما دعم بتهديدات وشائعات عن تجميد كل ما اتفق عليه بين البلدين من دعم للاقتصاد المصري سواء بضخ استثمارات سعودية أو بإيداعات في البنك المركزي.
مصر- قيادة وشعباً- حريصة كل الحرص علي ان تظل علاقة الأخوة بين البلدين قوية وفوق كل محاولات الوقيعة. ولم يصدر عن مصر ما يعكر صفو العلاقة مع الأشقاء في السعودية. لذلك لم يكن من الحكمة ان يستجيب الأشقاء لمحاولات الوقيعة والفتنة وان يظهر بعض السياسيين والمثقفين السعوديين في قناة الجزيرة القطرية ليوجهوا انتقادات لاذعة لمصر ويرددوا نفس العبارة الماسخة التي يرددها المعايرون لمصر بسبب ظروفها الاقتصادية الصعبة.. وقد ظهر من خلال المداخلات والتعليقات أن بعض المثقفين السعوديين مازالوا علي هوي الإخوان وبعضهم يصف النظام الحاكم في مصر بـ"حكم العسكر" أو "النظام الانقلابي" وهو ما قد يسهم في تأجيج مشاعر الغضب في نفوس غالبية المصريين.
كل ما اتمناه أن يعي الأشقاء في المملكة العربية السعودية أننا أشقاء بالفعل وأننا سند لهم في كل الظروف والأحوال كما كانوا خير سند لنا في الظروف الصعبة التي مرت بنا. وان اختلاف الرأي في ملف من الملفات السياسية لا يعني أننا في مواجهة سياسية مع السعودية. أو أننا اتخدنا موقفاً كله شطط ونكران للجميل أو أننا سرنا في طريق الخيانة السياسية. فمصر الكبيرة في نظر الجميع بتاريخها السياسي وقوتها العسكرية وثقلها الدولي لا يجوز ان تكون مواقفها السياسية والعسكرية تابعة ومنساقة خلف موقف لا تؤمن به ولا تراه- من وجهة نظرها- داعماً للأمن العربي.
لقد شرحت مصر مراراً فلسفة موقفها المتوازن في الأزمة السورية وأكدت انها لا تدعم نظام بشار بل تدعم وحدة سوريا. وأنها لا تقف في مواجهة الأشقاء في دول الخليج الذين يدعمون الموقف السعودي الداعم لمليشيات الحرب ضد النظام السوري ومنهم بالطبع تنظيم داعش الإرهابي الذي شوه صورة العرب والمسلمين في العالم.
هذا الموقف المصري حتي ولو اختلف مع الموقف السعودي لا يستدعي كل هذا الغضب والانفعال من الأشقاء السعوديين وأن نتلقي كل هذه الانتقادات الممزوجة بمعايرتنا بما قدم لنا من دعم سياسي واقتصادي.
صحيح أن الأشقاء في السعودية والامارات والكويت وغيرها قدموا لنا دعماً سياسياً واقتصادياً لا ينكره أو يتجاهله إلا كل جاحد. وصحيح انهم مازالوا يدعموننا ونحن ممتنون لهم وشاكرون طوال الوقت ولا يمكن ان يصدر عنا ما يؤكد اننا بعناهم أو غدرنا بهم.. لذلك ينبغي وضع هذه المواقف السياسية المتباينة في بعض الأمور في إطارها الصحيح وأن تظهر حكمة الكبار في السعودية في مثل هذه المواقف لوقف حملات التطاول التي تروج لها وتقودها فضائية الجزيرة المعروفة بعدائها لوحدة العرب وتضامنهم والمتخصصة في الوقيعة بينهم.
قناة الجزيرة التي أساءت كثيراً للسعودية وقادت حملات تشويه ضدها لا ينبغي أن تكون احدي أدوات السعوديين الآن للتطاول علي مصر واستفزاز مشاعر الشعب المصري ببرامج سياسية ضد مصر تجمع كل المارقين الهاربين الذين يتكسبون من التطاول علي وطنهم وشعبهم.
نعلم أن الأشقاء في السعودية يدركون قيمة مصر وأهمية التضامن والتحالف مع مصر في ظل المؤامرات التي تستهدف بلادهم. وهؤلاء العقلاء ينبغي ان يتصدوا لحملات الاساءة والتشويه التي انطلقت خلال الأيام الماضية ملبية نداء دعاة الفتنة والوقيعة ومرددة العبارة المسيئة التي يرددها أنصار الجماعة المارقة التي طردت من حكم مصر.
علي عقلاء السياسة في المملكة من كبار المسئولين وغيرهم أن يهبوا فوراً لوقف حملات الاساءة خاصة في وسائل الإعلام الداعمة للفوضي في مصر.
علي كل الأشقاء في السعودية ان يدركوا ان مصر ستظل السند القوي لهم. وأن دعم مصر السياسي والعسكري للمملكة سيوفر لها قدراً كبيراً من الحماية ضد المؤامرات التي تستهدفها سواء أكانت إيرانية أو أمريكية.
المتغطي بمصر لن يكون في يوم من الأيام عريانا.. وعلي الأخوة في السعودية ان يتعاملوا مع مصر بقدرها السياسي والعسكري والحضاري بعيداً عن مشاعر الغضب من تباين المواقف حول ملف من الملفات.
التحالف بين مصر والسعودية يتعرض لمؤامرة حقيرة تفرض علي الكبار في الدولتين ان يتحركوا فوراً للرد علي دعاة الفتنة والوقيعة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف