الجمهورية
المستشار محمد محمد خليل
خواطر مصري .. لغتنا هويتنا
الوطن العربي يموج بالكلمات الأجنبية ويزدحم بالمصطلحات الانجليزية. والفرنسية إلي حد تنزعج منه نفوس محبة للوطن حراس العروبة.
تاهت اللغة العربية بل ضاعت في الأمة.. قلنا في مقالات سابقة نشرت بصحيفة "الجمهورية" أو بصحيفة "عقيدتي" وبمجلة "حريتي".. اللغة قوام الفكر ووسيلة العقول تترجم بها أفكارها لتصل الي عقول الاخرين. كما أنها هويتنا ولسان ثقافتنا من ثم فبغيرها لاتكون لنا هوية ولا تكون لنا ثقافة بل لا يكون لنا وجود حضاري.
منذ اكثر من مائة عام نعي شاعر النيل حافظ ابراهيم اللغة العربية وانشد قصيدة علي لسانها تنعي فيها نفسها.. نحمد الله ان شاعرنا الوطني العظيم لم يعش حتي الان ليري كل المسميات للمحلات بجميع انواعها واختلاف نشاطها تعلن عن نفسها بأسماء أجنبية.. حتي الحلاقين اطلق بعضهم علي محل الحلاقة جولد فنجر أي الاصابع الذهبية كما اطلق الحذاء "بائع الاحذية" اسم كودنيري الصباح.. وهكذا.. حتي المقاهي والمطاعم كتبت الاصناف التي تقدمها لعملائها باللغة الاجنبية وبمسميات اجنبية فالشاي اصبح لاتيه والزنجبيل جنجر والنعناع جنت وخلطة الليمون مع اللبن مع النعناع.. فريش بريز الخ المسميات الغربية التي لها بالطبع أسماء عربية مشهورة.
حتي الاطعمة التي كانت امهاتنا تطهوها لنا اصبحت تحمل مسميات اجنبية يتوه المرء عنها عند ذكرها.
لي صديق من رجال الاعمال سافر إلي إمارة دبي. رجع والاسي يملؤه يقول ظننت أني نزلت في أرض بريطانيا وليس في إحدي إمارات الخليج العربي. الكل يتحدث لغة لا تمت للعربية بصلة رغم ان المواطنين هناك يرتدون الجلباب الابيض ويفطنون رؤوسهم بالعقال العربي.
وأسأل .. هل ضاعت قوميتنا وعروبتنا أين تراث الآباء والاجداد هل يضيع أعمال الجاحظ وأفكاره أين تراث المسعودي والطبري وابن النفيس وجابر بن حيان وسيبوبة وابن هشام اين اشعار امرئ القيس وزهير بن الحي سلمي وعنتره بن شداد والاعشي هل تهنا عن انتاج ابي الفرج الاصفهاني وفقه أبي حنيفة وعبقرية ابن حزم وفلسفة ابن رشد واعمال الامام ابي حامد الغزالي وعظمة المتنبي في اشعاره وعقلية ابي العلاء المعري والعقاد وطه حسين واحمد حسن الزيات والمنفلوطي وغيرهم كثير مما تضيق بهم صفحات هذه الصحيفة.. ذهب ذلك كله وسوف يضيع تماما اذا سرنا في طريق الاغتراب.
لا مانع ان نتعلم لغة الاقوام ونقرأ ثقافتهم ونستفيد من افكارهم لكن العيب كل العيب ان نستبدل لغتهم بلغتنا ومصطلحاتهم بمصلحاتنا.
هل تخلت اليابان عن لغتها لتلحق بركب الحضارة في الغرب. هل تخلت ألمانيا او فرنسا عن لغتها أو قوميتها لترضي الغرب الامريكي أو الانجليزي لم يمنع تمسك هذه الدول بلغتها والحفاظ علي هويتها من المشاركة في التقدم العلمي. واللحاق بالحضارات الأخري.
كان الاستاذ هيكل يجري حوارا في الستينيات مع الزعيم الصيني ماوس تونج واصر الزعيم علي ان يتحدث باللغة الصينية رغم اجادته للغة الانجليزية يقول هيكل: كنت أسأل بالانجليزية ويترجم الوسيط ما قلت الي الصينية ثم يرد الزعيم ماوسي تونج بالصينية لينقلها المترجم اليّ بالانجليزية وحين أخطأ المترجم صحح ماوس تونج الترجمة.. هذا رجل يعشق لغته ويحافظ علي هويته ويعتز بقوميته.. أما نحن شأن كل الضعفاء.. نعدو خلف كل ما هو غير كل عربي لشعورنا بالدونية وبعدم الثقة في أنفسنا وتهوين قوميتنا.
نحن في حاجة الي قرار قومي يحمي هويتنا ويعيد عروبتنا.. إن الله يزع بالسلطان مالم يزع بالقرآن.
الحفاظ الحفاظ علي لغة أمتنا العربية قبل ان نضيع مع ضياعها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف