الجمهورية
د. محمد مختار جمعة
حق الوالدين
عندما ننظر في كتاب الله "عز وجل" وفي سنة رسول الله "صلي الله عليه وسلم" نري كيف تكون العلاقة المثلي بين الأبناء وآبائهم حيث يقول الحق سبحانخطوبة كارمه وتعالي: "وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً" "الاسراء: 23- 24" ويقول النبي "صلي الله عليه وسلم" عندما سأله أحد الناس: أي العمل أحب إلي الله؟ قال: "الصلاة علي وقتها". قال: ثم أي؟ قال "صلي الله عليه وسلم": ثم بر الوالدين. قال: ثم أي؟ قال" صلي الله عليه وسلم " "الجهاد في سبيل الله".
انظر إلي الرسول "صلي الله عليه وسلم" كيف قدم بر الوالدين علي الجهاد في سبيل الله. وعندما جاء أحد الشباب يستأذنه "صلي الله عليه وسلم" في الجهاد قال له سيدنا رسول الله "صلي الله عليه وسلم" : "أحي والداك"؟ قال: نعم. قال: "ففيهما فجاهد" وجاء أحد الناس إليه "صلي الله عليه وسلم" فقال: يا رسول الله. إني أصبت ذنباً عظيماً. فهل لي من توبة؟ قال: "هل لك من أم" قال: لا . قال: "هل لك من خالة؟" قال نعم. قال: "فبرها" "أخرجه البيهقي في شعب الايمان" فانظر إلي بر الخالة فضلا عن بر الام كيف يكون وسيلة للتوبة والمغفرة وحسن المثوبة والعاقبة؟
أما العقوق نعوذ بالله منه فيقول النبي "صلي الله عليه وسلم" في شأنه: "اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: يا رسول الله. وما هن؟ قال: الشرك بالله. والسحر. وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق. وأكل الربا. وأكل مال اليتيم. والتولي يوم الزحف. وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" "متفق عليه". ويقول النبي "صلي الله عليه وسلم": "ألا انبئكم بأكبر الكبائر؟" ثلاثاً. قالوا: بلي يا رسول الله. قال: "الاشراك بالله. وعقوق الوالدين" وجلس وكان متكئاً فقال: "ألا وقول الزور" قال : فما زال يكررها حتي قلنا: ليته سكت.
يقول الحق سبحانه: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين احساناً" "النساء: 36" ويقول "عز وجل": "ووصينا الانسان بوالديه حسنا" "العنكبوت:8" ويقول الحق سبحانه: "ووصينا الانسان بوالديه حملته أمه وهنا علي وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير "لقمان: 14" وكان سيدنا عبدالله بن عباس "رضي الله عنهما" يقول: ثلاث في القرآن نزلت مقترنة بثلاث لا تقبل واحدة منها دون الاخري:
فأما الاولي فقول الله تعالي: "واطيعوا الله وأطيعوا الرسول" "المائدة: 92" فلا تقبل طاعة الله إلا بطاعة رسوله "من يطع الرسول فقد أطاع الله" "النساء:8" وأما الثانية فقوله تعالي: "فأقيمو الصلاة وأتوا الزكاة" "الحج:78" ولذا قاتل سيدنا أبو بكر "رضي الله عنه" مانعي الزكاة. وقال: "والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلي الرسول "صلي الله عليه وسلم" لقاتلتهم عليه. والله لا أفرق بين الصلاة والزكاة".
وأما الثالثة فهي قوله تعالي: "أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير" "لقمان: 14" فلم يشكر الله من لم يشكر لوالديه . فمن عق والديه لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً. يقول نبينا "صلي الله عليه وسلم": "لا يدخل الجنة عاق. ولا منان"
وقد يري بعض الشباب انه أكثر تدينا من والده. فيغلظ له القول أو يسئ معاملته. فنقول لامثال هؤلاء: انظر يا بني إلي قول الحق "سبحانه وتعالي في شأن الوالدين: "وإن جاهداك علي ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فانبئكم بما كنتم تعملون " "لقمان: 15" فالوالدان حتي مع كفرهما أو حتي حال محاولتهما أن يحملاك علي معصية الله أو حتي علي الكفر. فلا تطعهما في ذلك غير ان ذلك لايخول لك سوء معاملة أي منهما إنما يجب ان تكون في جميع أحوالك كما أمرك الحق سبحانه "وصاحبهما في الدنيا معروفا" علي ان ندرك ان ذلك ليس تفضلا منك إنما هو حق وواجب عليك تأثم ان قصرت فيه أو لم تقم به. وعليك ان تدرك ان عقوق الوالدين مما يجعل له العقوبة في الدنيا مع ما فيه من غضب الله "عز وجل" في الاخرة. ويروي ان أحد الناس صنع لوالده إناء خشبياً فسأله أصغر أبنائه يا أبي لم صنعت هذا الإناء الخشبي؟ قال: يا بني لنضع فيه الطعام لجدك الذي كبر حتي لاينكسر. فقال الولد حسنا يا أبتاه سنضع لك فيه الطعام عندما تكون مثل جدي. فافعل ما شئت كما تدين تدان.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف