المساء
أحمد عمر
بورصة الأخلاق مشكلتنا الدولار وارتفاع الأسعار
الواقع أنها مجرد ظواهر لأزمة أكثر عمقا هي حالة السيولة في منظومة الأخلاق لدي قطاع واسع من المجتمع.. إذا صلحت الأخلاق انخفضت الأسعار.. نعم فلن تجد تجارا جشعين ولا مستهلكين شرهين ولا عمالا متكاسلين ولا موظفين فاسدين.. ولأننا لسنا في مجتمع ملائكي ولم نصعد بعد إلي الجنة منذ أن نزل منها جدنا آدم عليه السلام.. فإن تشريع العقوبات هو واحد من سنن الحياة لضبط السلوك الإنساني وردع النزوات والشهوات.. والتشريعات مشلولة عمياء لا يمكن إنفاذها إلا بإدارة عادلة واعية حازمة تؤمن بأهمية النواميس وضرورة تفعيلها.. فمن غير القانون والإدارة لا تنهض الأخلاق.. ولا يستقيم المجتمع ولو ملأت الأرض ذهبا.
ومال الأخلاق بتدني مرتبات الموظفين..؟
الحقيقة أن العلاقة أكيدة فماذا يفعل ملايين الموظفين من عمالة زائدة وبطالة مقنعة عدا تقاضي أجور لا يعملون بها..؟! وهي مسألة تتنافي بالطبع مع حسن الخلق.. ثم إن هؤلاء العاطلين الذين يتقاسمون بند الأجور المخصص لمؤسساتهم ينقمون علي ارتفاع المرتبات بهيئات أخري كالقضاة رغم أن تلك لا تعاني مما هم فيه من ترهل وعمالة زائدة.. ومن ثم فإن مخصصات المرتبات يتقاسمها من يستحقها.. يحصل القضاة وغيرهم علي أجور مرتفعة.. ويمكن أن يحصل موظفو الحكومة علي نفس الأجور إذا جري تنقية الجهاز الإداري واستبعاد الزائدين عن حاجة العمل.. المستبعدون لن يسقطوا في الهاوية إنما سينتقلون إلي مواقع أخري في المنظومة الاقتصادية للمجتمع ان لم يكونوا موجودين بها فعلا كعمل حقيقي إلي جانب الوظيفة الميري.. حيث يصنعون لأنفسهم مستويات عالية من الدخول.. من المهم اتخاذ خطوات من جانب الدولة لتشجيع السير في هذا الاتجاه كإقرار إعانة للبطالة ومد كامل للضمان الاجتماعي والتأمين الصحي ليشمل جميع المواطنين.. إلي جانب الاستمرار في توفير القروض المدعمة لمساندة المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وكيف يتم فرز الذين يعملون ويديرون علي أسس موضوعية..؟
المسألة لا تحتاج إلي إعادة اختراع العجلة.. فهي مطبقة بالفعل في صفوف القوات المسلحة.. تلك الهيئة الوطنية المنضبطة التي ينقم البعض علي تصديها للكثير من المهام المدنية.. فرجال الجيش ترتبط ترقيتهم إلي الرتب الأعلي باجتياز "فرق" معينة تبعا لكل رتبة بمعني دورات تدريبية إضافة لتقارير الصحة والأداء فلا يبقي في الصف إلا من يحتاجه العمل وقادر عليه.. نحتاج لتطبيق ذلك علي الوظائف المدنية.. وإلا ستبقي البيروقراطية تفرز فسادا ينهش المجتمع وينهب خيراته.. علي نحو يجعل العلاقة تبدو عكسية بين منحني الأخلاق وسعر الدولار.
** قال تعالي: "إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم" صدق الله العظيم.. الآية 11 من سورة الرعد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف