جميل أن تبدأ وزارتا الزراعة والتموين مبكراً في عقد الاجتماعات التنسيقية لوضع ضوابط جديدة لاستلام محصول القمح من المزارعين في الموسم القادم لمحاصرة الفساد وتلافي الكوارث التي وقعت في الموسم السابق.
ولكن الأجمل أن تكون هذه الاجتماعات جادة بحق للحماية من هدر كميات القمح في شون ترابية غير مجهزة كما شاهدنا في الموسم الماضي.
وأن يتم فعلاً استخدام الصوامع الحكومية بكامل طاقتها قبل اللجوء إلي القطاع الخاص الذي رأينا كيف قام بسرقة الملايين من أموال الشعب في ضربة حظ.. وعندما كشفت لجنة تقصي الحقائق بالبرلمان الوقائع وتمت إحالة الأمر إلي النيابة العامة سارع بعض المتورطين بالتصالح وسداد المستحقات فوراً!!
مفروض أن يتم وضع آلية عملية وجادة لفصل توريد القمح المحلي عن المستورد حتي لا يستفيد ضعاف النفوس من فرق السعر وخلط المحلي بالمستورد مثلما حدث لأن أماكن الاستلام واحدة!!
وهنا من الواجب أن نسأل: لماذا لا نبحث وبشيء من الجدية ألا يتم استيراد القمح خلال فترة توريد الإنتاج المحلي.. وأن يتم تأمين الاحتياطي الاستراتيجي بآليات أخري تحقق عدم استلام النوعين في وقت واحد.. وأن تقوم لجان الفرز والاستلام بواجبها.. ولا تكون مجرد لجان علي الورق لصرف المكافآت فقط!!
نتمني أن تقدم هذه الاجتماعات المبكرة رؤية شاملة ومقترحات عملية قابلة للتنفيذ علي أرض الواقع للكشف عن الحيازات الوهمية وقطع الطريق علي أي فرصة للتلاعب والحصول أو سرقة الدعم المقرر للفلاح البسيط الذي يزرع أرضه ويقدم إنتاجه للدولة حتي نؤمن رغيف الخبز للملايين.
كما يجب أن تكون هناك حوافز تشجيعية لهذا الفلاح من حيث السعر المعلن والذي يجعله يقبل علي هذه الزراعة ولا يهرب منها.. وأيضاً قيامه بالتوريد إلي الدولة.. بمعني ألا يتعذب ولا يقف بالسيارات المحملة بالإنتاج ساعات وأياماً حتي يتم استلام المحصول منه!
كما يجب أن تكون لجان الاستلام من التموين والزراعة وغيرها تحت الرقابة الفعالة والملاحظة الدقيقة لضمان قيام الجميع بواجبهم علي النحو الأكمل دون تباطؤ أو اهمال يؤدي إلي نتائج كارثية كما حدث في الموسم الماضي.
هذه انطباعات واجبة رأيت طرحها في ضوء ما حدث مؤخراً وما كشفت عنه الأجهزة الرقابية بالنسبة لمحصول الأرز الذي انتهي موسم حصاده وقررت الحكومة شراء كميات كبيرة منه لتحقيق فائض استراتيجي بالمضارب يغطي حاجة الاستهلاك ويمنع الأزمات في هذه السلعة الضرورية.. خاصة أننا ننتج ما يكفي الاستهلاك.. وهناك فائض للتصدير!!
لقد كشفت جولة مفاجئة للرقابة الإدارية في عدد من المحافظات المنتجة للأرز قيام السوق السوداء بالاستيلاء علي المحصول.. وأن مضارب الحكومة "خاوية".. وبعضها لا يعمل منذ فترة.. لماذا؟!
لأن المزارعين توقفوا عن التوريد لانخفاض المقابل المادي المعروض من الحكومة مقارنة بأسعار التجار التي تزيد بحوالي 500 جنيه للطن الواحد!!
كما تبين أن التجار يقومون بتخزين المحصول بغرض الاحتكار ورفع السعر... فهل نستفيد من هذه التجارب؟!.. وهل تكون لدينا آلية عملية للتعامل مع الواقع وجذب الفلاح المنتج وتشجيعه وقطع الطريق علي التلاعب والاحتكار وأصحاب النفوس الضعيفة.. ومنع السوق السوداء في السلع الاستراتيجية للمجتمع؟!
بصراحة.. أتمني