المساء
أحمد سليمان
سموم فهمي هويدي وحروب الجيل الرابع
أصبح من المسلّمات ألا يروق أي موقف رسمي صادر عن الدولة المصرية ـ حتي لو كان سليماً مائة بالمائة ـ لأي من المنتمين لجماعة الإخوان أو كتّابها أو كتائبها. حتي أصبحوا يروجون لآراء ووجهات نظر.. هم أول من يعرف أنها كاذبة وتجافي الحقيقة. وللأسف أن من بين هؤلاء كتّاباً صحفيين كباراً.
بعد قراءة مقال الكاتب فهمي هويدي المنشور منذ أيام بإحدي الصحف الخاصة وجدت هناك سقطات وخطايا لا يقع فيها كاتب مثله. وعلي الرغم من أن انتماءه للإخوان معروف وكتاباته موجهة وذات أهداف واضحة ضد الدولة ونظام الحكم فيها إلا أنه أغفل حسابات العقل والمنطق ووقائع الأحداث التي تكشف زيف ادعاءاته. ومن هذه الخطايا:
أولاً: علق هويدي علي تصويت مصر بالموافقة علي القرارين الفرنسي والروسي حول سوريا بمجلس الأمن بأنه غير مفهوم ويندرج تحت عنوان تناقض الحسابات والمواقف المصرية. ويستدعي الحيرة وأحدث بلبلة.
وأقول: لو أجهد الكاتب نفسه وبحث في الرد الرسمي علي هذا الموقف لأعفي نفسه من الحيرة وعدم الفهم. فقد قال المستشار أحمد أبوزيد المتحدث باسم وزارة الخارجية عقب التصويت علي القرارين "إن المشروعين لم يتم طرحهما في ذات الوقت. كما أن المقترحين يتعاملان تقريباً مع ذات الطرح وهو المطالبة بوقف إطلاق النار وايصال المساعدات إلي الشعب السوري ومحاربة التنظيمات الإرهابية في سوريا. وهذا لا يتعارض مع الموقف العربي. لذلك صوتت مصر لصالح المشروعين. وأكد أن مصر لا تنظر إلي الجهة التي تطرح المشروع ولكنها تنظر إلي المقصد والهدف من هذا القرار. كما أن اختلاف وجهتي النظر المصرية والسعودية حول الحل للأزمة السورية معروف للجميع من قبل بمن فيهم الأشقاء السعوديون. وهذا أيضاً ما أكده الرئيس السيسي أمس الأول خلال كلمته التي ألقاها بالندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمناسبة ذكري انتصارات أكتوبر. إذ أعاد الرئيس التأكيد علي موقف مصر الثابت إزاء الأزمة السورية. والذي يشمل العمل علي إيجاد حل سياسي للأزمة الراهنة. والحفاظ علي وحدة الأراضي السورية. واحترام إرادة الشعب السوري. فضلاً عن نزع أسلحة الجماعات المسلحة وإعادة إعمار سوريا. مؤكداً أن تصويت مصر علي القرارين اللذين طرحا مؤخراً في مجلس الأمن جاء علي أساس تلك الثوابت. أخذاً في الاعتبار أنهما تضمنا الدعوة إلي تطبيق الهدنة في سوريا وإدخال المساعدات الإنسانية إلي المناطق المنكوبة. وهو ما يؤكد عدم وجود تناقض في تصويت مصر لصالح هذين القرارين.
ثانياً: قال الكاتب فهمي هويدي إن بيان الثالث من يوليو 2013 تضمن خارطة طريق تدعو إلي تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية ولكن السياسات المتبعة كرست الاستقطاب والإقصاء.
وأقول: هذا هو مربط الفرس. فالكاتب حانق وحاقد علي الدولة لأنها أقصت الإخوان ولفظتهم ولم تعقد معهم مصالحة. وأسأله: ألم يرفض الشعب نفسه الذي قام بثورة 30 يونيو أية مصالحات مع الإخوان قتلة رجال الجيش والشرطة والقضاء في سيناء وكافة ربوع مصر؟.. لقد قلنا وقال الجميع مئات المرات أنه لا الشعب ولا النظام يتصالح مع من تلوثت أياديهم بالدماء والذين يحاربون مصر بشتي أنواع الحروب. حتي لو كان من بين هذه الحروب كلمة تكتب هنا أو تقال هناك تصيب الناس بالإحباط أو تشككهم في رئيسهم وحكومتهم وكل إنجازات تحدث علي أرض الواقع. فلا تصالح قبل أن يعلن الإخوان التوبة والاعتراف بشرعية ثورة الثلاثين من يونيو والعودة مواطنين مصريين مثلهم مثل الجميع مسلمين ومسيحيين. وأعتقد أن ذلك لن يحدث.
ثالثاً: اعتبر الكاتب من بين التناقضات القول إن القوات المسلحة قادرة علي تأمين البلاد خلال ست ساعات. بينما استغرب أن يستمر القلق والاضطراب في سيناء لأكثر من سنتين.
وأقول: هل يري الكاتب أن ما يحدث في سيناء مجرد قلق واضطرابات؟ ألا يراه إرهاباً؟ وماذا يسمي ما حدث أمس في العريش واستشهد فيه اثنا عشر شاباً من خيرة شباب مصر؟ ثم إن الرئيس السيسي عندما أعلن أن القوات المسلحة قادرة علي الانتشار علي حدود البلاد خلال ست ساعات قصد أن هذه استراتيجية ثابتة ضمن ثوابت القوات المسلحة لحماية مصر من أي عدوان خارجي أو مؤامرات داخلية من خونة يعرفهم الكاتب جيداً. كما ان الربط بين ذلك وبين ما يحدث في سيناء غير منطقي لأنه سبق أن أعلن الرئيس السيسي أيضاً سهولة القضاء علي الإرهاب في سيناء خلال ساعتين. ولكن إنسانية القوات المسلحة ـ التي لا يعرفها الإخوان ـ تمنعهم من إزهاق أرواح مدنيين أبرياء من أهلنا في سيناء الذين يختبئ الإرهابيون وسط مساكنهم. كما أن الأستاذ هويدي ـ الذي وصف ما يحدث في سيناء بأنه قلق واضطراب وليس إرهاباً ـ قد غض النظر عما يفعله الإرهابيون ومن يساندهم ويساعدهم في الداخل والخارج مع رجال مصر الذين يضحون بأرواحهم ويواصلون الليل بالنهار يواجهون الخطر لعيش هو ـ فهمي هويدي ـ وكل المصريين في أمان. فهذه رسالة سامية لا يعرفها الإخوان الذين يتحدث باسمهم الكاتب فهمي هويدي ولعل الجريمة النكراء التي حدثت بالأمس تكون دليلاً جديداً علي أن أبناء مصر الأوفياء من القوات المسلحة والشرطة لا يبخلون بأنفسهم لتحيا مصر مرفوعة الهامة ولخيسأ أعداؤها الذين يعيش جنودهم وسطنا ويحاولون ليل نهار تثبيط الهمم وإحباط الناس في محاولة لتنفيذ مخططاتهم بإسقاط الدولة. وهو ما لم ولن يحدث بإذن الله.
رابعاً: قال إنه حين أعلنت الدولة الحرب علي الفساد فإن الذي حوكم وعوقب كان رئيس الجهاز المنوط به محاربة الفساد.
وأقول: عجباً لهذا الكاتب الذي لم ير أو يقرأ أو يسمع عن القبض علي وزير الزراعة الأسبق صلاح هلال بتهمة الفساد بينما لم يزل وزيراًپفي الحكومة؟ ألم يقرأ عن مستشار وزير الصحة الذي يحاكم بتهمة الفساد؟ ألم يتابع المقبوض عليهم في أحداث قضية فساد منظومة توريد القمح؟ ألم ير قضايا الفساد المضبوطة كل يوم بمعرفة رجال الرقابة الإدارية ومباحث التموين وغيرهما من الأجهزة الرقابية؟ ولكن الكاتب لم يشغل باله إلا بالقبض علي رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الذي ثار حوله كلام كثير بانتمائه للإخوان والذي أثبتت التحقيقات ارتكابه خطأ يستحق عليه ما صدر بحقه من عقوبة.
يا أستاذ فهمي.. لا تخدع نفسك ولا تخدع من يقرأ كتاباتك. فأنت بما تكتب وتصر عليه كل يوم تضع نفسك مع من ينفذون أجندة واضحة المعالم ويشاركون في حروب الجيل الرابع ضد الوطن. كفاك مغالطات فقد سئم الناس نوعية ما تكتب وما تبث من سموم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف