ريهام فؤاد الحداد
توك توك.. شعب.. رئيس (1- 2)
حديث سائق التوك توك، اختلف الناس فى تلقيه، كل حسب معتقده وخلفيته وطريقة تفكيره وتأثره بما يبث له، تهكم عليه البعض والبعض الآخر وجده شجاعاً جريئاً، رَآه أحدهم مواطناً عادياً، وآخرون شككوا فى انتمائه، اختلف المتلقون واختلفت أنا معهم جميعاً كما يلى.
المتلقى الأول: ولنقل هم من يتمنون انقلاب أوضاع الوطن وفشله والعبث باستقراره وأمنه، هؤلاء حاولوا استغلال الفيديو لتأليب قلوب وعقول المواطنين ضد الدولة ونظامها!!.
المتلقى الثانى، هم من أصول ينايرية (ثوار يناير)، ومن اكتشفوا بعد فوات الأوان فداحة ما صنعوا وخطأه وخطره، فأصبح لديهم هاجس مرعب، غول يؤرقهم برجوع ذنبهم إلى السطح مرة أخرى، ومن هذا المنطلق، أطلقوا السباب واللعنات ورجموا سائق التوك توك ووصفوه بالمحرض والكاذب والمدعى!! وبأنه جاء ليبث أنفاث الشر والحقد، منكراً فضل الدولة فى انتشال الوطن من براثن الإخوان، وصنع دولة جديدة تخالف دولة مبارك التى لم تعجبهم يوماً، وفى إطار إثبات أن رؤيتهم كانت صحيحة ودفاعاً عن رؤاهم السياسية، فإنهم يخشون على الحكم الحالى من هكذا مؤامرات خطرة من شأنها إزعاج الدولة واستقرارها، وربما ذكرهم سائق التوك توك بنموذج خالد سعيد (المصرى) والبوعزيزى سعيد (التونسى)، علهم كرهوا الذكرى لدرجة رفض أى نموذج يقترب منها، زاجرين إياه قائلاً لسان حالهم: «اللهم يخزيك يا شيطان لا تغونا مرة أخرى، فقد ندمنا»، لهذا كان هجومهم على سائق التوك توك هو الأعنف.
النموذج الثالث: هم مصريون عاديون ينتمون للكتلة الشعبية الأكبر (من سميت يوماً بالفلول) وهم دعاة الاستقرار والأمن والأمان وبقاء الأوضاع على ما هى عليه، هؤلاء لكبر عددهم وتباين طرق ومستويات تفكيرهم انقسموا لعدة أقسام.
القسم أ. هو من يقارن الوضع قبل ٢٥ بالوضع الحالى، وما أصاب البلاد والعباد من تدهور، يلعن يناير يومياً كما لعنها بداية ويخاف تكرارها، يدعم الدولة بكل قناعاته، حتى إن لم يرض عن أدائها إلا أن استقرارها من استقراره هو شخصياً.
القسم ب: من نفس القاعدة الشعبية العريضة، غاضب يتفق غضبه مع غضب السائق، لا يعنيه انتماء الشاب أو خلفيته، ولا يعنيه تربص الإخوان والقوى الخارجية بقدر ما يعنيه عدم رضائه عن طريقة الإدارة، ويرى فى غضبه هذا غيرة على وطنه ورغبة فى تقدمها، ليس لديه أى خطط أو مشاريع، سوى تحسن الأوضاع.
القسم ج: هو مزيج بين القسمين السابقين، لكن هاجسه الفزع وخوفه العارم يمنعانه من التفكير أساساً، يخشى من تدهور الأحوال، ويخاف حدوث أى مشاغبات سياسية، يقلق من عدم فهمه للأمور، يخاف من الخوف ذاته، فيمتنع عن التعليق والمتابعة، عل المقبل يكون خيراً.
جميع الفرق السابقة ما عدا الأولى، تريد الأمان لهذا البلد ونجاح قيادته، لأن فى نجاحها نجاتنا جميعاً، هدفهم واحد، إنقاذ مصر وتطورها وراحة أهلها، لكن كيف تكون النوايا طيبة مخلصة والوطنية مترسخة فى القلوب وبذات الوقت كل فرقة تلعن الأخرى.
من قال إن من انتقد إدارة الوطن أو اقترح تعديلات أو من له وجهة نظر أو شكوى من ظروف معيشية (إنه جاحد ناكر للجميل عديم للوطنية)، من جزم بهذا!! وما قصة نبرة التخوين واتهام الآخر!!! (ليس هناك خائن إلا من خان وثبتت عليه خيانة الوطن) وهؤلاء ينتظرون جزاءهم، وسوف يلقونه.
المتحذلقون كثر والمدعون أكثر، كيف يمكن ربط حادث إرهابى خسيس استشهد به فلذات أكباد مصر. بفيديو سائق تاكسى لم يرصد سوى واقع اقتصادى نلمسه جميعاً ولا تنكره الدولة ولا تنفيه، ما دخل هذا بذاك!!!! ما هذا التخبط.