الوفد
عباس الطرابيلى
مفيش سكر.. ياكلوا جاتوه
مسكينة - والله - حكومتنا مع هذا الشعب.. فهى لا تعرف كيف تواجه كل هذه المشاكل المتعمدة، فهى تعلن صباحًا ومساءً أن السكر متوفر.. وأن الرصيد يكفى احتياجات البلاد حتى شهور عديدة قادمة.. وهى - أيضا - تطرح كميات اضافية فى الأسواق، وبعض المحافظات تقدمه بنصف سعره.. ورغم ذلك تزداد طوابير الناس، ومن كان يكفيه اتنين كيلو - غير سكر التموين - أصبح يجرى ليحصل على أربعة أو خمسة.. وتلك من طبائع الشعب المصرى.. وهو شعب لم يسمع أن تشرشل وهو رئيس لوزراء بريطانيا قرر للمواطن - هناك - قطعتى سكر يوميا لمواجهة أزمة الحرب العالمية الثانية.
<< وهو شعب يعرف يتحايل على الطوابير.. وعاش شعبنا طوابير طويلة للحصول على علبة سمن صناعى هولندى فى الستينيات.. وهو نفس الشعب الذى كان يتزاحم أمام الجمعيات الاستهلاكية ليحصل على صابونتين شم النسيم. وهو أيضا من كان يتصدى ليشترى كيلو سمك ماكريل روسى ليقدمه لأسرته.
ولكنه أيضا الذى اشترى الثلاجات - ومنهم من اشترى ديب فريزر - ليخزن فيه فراخ الجمعية التى كان يقف أمامها بالساعات ليحصل على واحدة أو فرختين.. وعندما تقرر تقليل أيام ذبح المواشى وقصر بيع اللحوم على عدد معين كل أسبوع.. كان يعمد إلى تخزين ما يستطيع من لحوم.. طيب: كان ذلك عندما كان سعر الكيلو بنصف جنيه.. ولما ارتفع السعر خرج الناس يهتفون وهم يحاصرون البرلمان «سيد بيه.. يا سيد بيه.. كيلو اللحمة بقى بجنيه.. فما هو حال الشعب الآن وهو يرى أن سعر الكيلو يصل إلى 150 جنيها.
<< هل المشكلة فى الشعب الذى يتفنن فى أسلوب التخزين أم المشكلة فيمن يخططون لضرب الدولة كلها واغراقها بالمشاكل.. حتى تسقط. وهم الذين قالوا إما نحكمكم.. أو ندمركم.. هل الشعب أصبح فى جانب.. والحكومة فى جانب آخر بحيث - للأسف - بات الشعب كله «نعم كله» لقمة سائغة فى فم كل متآمر خسيس يريد الحكم.. أو تدمير الأمة.
ولماذا لم نعد نفرق بين من يريد لنا الخير.. ومن يريد لنا الشر.. لماذا لم نعد قادرين على الصمود.. وأن نقلل ما أمكن ما نستهلكه بأن نكتفى بملعقة سكر واحدة لكوب الشاى.. وأن نقنع بكوب شاى واحد فى الصباح ومثله فى المساء.. حتى نواجه المؤامرة.
<< وأوضح أننا نسينا قيمة النضال.. ومعنى الكفاح.. وشعارات عاشت عليها أجيال عظيمة سابقة: نموت نموت ويحيا الوطن.. وأصبحنا نرى الآن من يكافح من أجل كيلو سكر.. أو علبة لبن أطفال.. أو يخوض معركة من أجل انبوبة بوتاجاز.. وهل تغير الشعب حتى بات يعيش يومه فقط ولا يهتم بما تجىء به الأيام.. وإذا كانت جمعية مواطنون ضد الغلاء تصرخ وتنادى من أجل ملعقة سكر واحدة لكوب الشاى.. فلماذا لا تتجاوب مع دعوة تقليل كوب أرز - من كل طبخة أو حلة بل لماذا لا نستجيب لدعوة مثل سمكة واحدة فى الوجبة الواحدة.. أو قطعة لحم مرة فى الأسبوع.
<< أم نقول كما قلت مارى انطوانيت ملكة فرنسا عندما رأت الشعب يهتف من أجل الخبز.. فقالت قولتها المشهورة. مفيش خبز.. ياكلوا جاتوه وكان نصيبها قطع رقبتها تحت المقصلة وسط الجماهير الغاضبة.. أما نحن هنا فهل نجد من يقول للناس.. مفيش سكر.. كلوا باتون ساليه؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف