الأهرام
مرسى عطا الله
أكتوبر.. الورقة التى أصابت مدير المخابرات الإسرائيلية بالذعر (9)
لابد لنا أن نستعيد اليوم ما اعترفت به إسرائيل قبل 43 عاما بعد اندحارها المهين على جبهة قناة السويس وهو أن أكبر أخطاء جنرالات المؤسسة العسكرية أنهم كانوا أسرى لغرور قاتل أوهمهم بأن أية حرب جديدة سوف تجيء على غرار حرب 5 يونيو 1967 ومن ثم يمكن لإسرائيل حسمها فى ساعات بهجوم جوى شامل حيث كان زهو انتصار 5 يونيو قد أدار رؤوسهم وجعلهم يتجاهلون ما سبق أن دونوه فى مؤلفاتهم وأبرزهم موشى ديان وحاييم بارليف أصحاب المدرسة العسكرية القائلة بأن كل حرب تختلف عن سابقتها.. ولكن غرور وصلف ما بعد 5 يوينو 1967 أعمى عيونهم عن قراءة ما كتبوه بأيديهم فى مؤلفاتهم.

كان الغرور مستبدا بالجميع حتى دهمهم زلزال العبور الذى أفقدهم كل مظاهر الاتزان ففى الواحدة ظهر السبت السادس من أكتوبر عام 1973 وقبل ساعة واحدة من ساعة الصفر كان الجنرال إلياهو زائيرا مدير المخابرات العسكرية الإسرائيلية مجتمعا فى مكتبه بالمراسلين العسكريين وقام بمصافحتهم جميعا فردا فردا وهو يصطنع ابتسامة فاترة على وجهه واكتفى بالقول: « إن حربا قد تندلع فى أية لحظة وكما تعلمون فإن إسرائيل مستعدة تماما» ثم توجه إلى صدر القاعة لكى يرد على بعض الأسئلة وقبل أن ينطق بكلمة واحدة دخل عليه فجأة مدير مكتبه وسلمه ورقة نظر فيها بصورة خاطفة ليظهر عدم اهتمامه بما كتب فيها ثم همس ببعض الكلمات فى أذن مدير مكتبه وهو ما أثار فضول زئيف شيف المراسل العسكرى لصحيفة «هأرتس» ودفعه إلى طرح سؤال مباشر لزائيرا عن فحوى هذه الورقة العاجلة وأجاب زائيرا «لا شيء.. لا شيء» ثم هرب من الموقف باستعجال الردود على أسئلة بقية المراسلين وكأن شيئا لم يكن.. وبعد عدة دقائق دخل مدير مكتبه مرة أخرى وسلم له ورقة جديدة طالعها هذه المرة باهتمام ثم ترك مقعده وغادر القاعة متوجها إلى مكتبه ولم يعد إلا ليعلن بقليل من الذعر: انتهى الاجتماع.. وبينما كان المراسلون ينتظرون المصعد لمغادرة مبنى رئاسة الأركان إذ بصفارات الإنذار تدق أذانهم وتهز تل أبيب معلنة سقوط أكذوبة الغرور القاتل تحت أقدام مشاة العبور على جبهة قناة السويس.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف