بهجت الوكيل
أطفال علي الأسفلت وطاقة مفقودة
وسط المشروعات الكثيرة التي تقيمها الحكومة للنهوض بالدولة والدفع بعجلة اقتصاد البلاد إلي الأمام إلا ان الاحصائيات الأخيرة لبعض المراكر المتخصصة أكدت وجود ما يقرب من مليوني طفل في عمر الزهور بالشوارع ووسائل المواصلات واشارات المرور وبجوار المساجد والأسواق وفي العشوائيات يعانون من التجاهل والاعتداءات ويواجهون شتي أشكال المخاطر فمنهم من يتسول وبعضهم يعمل رغماً عنه ومضطراً لايجاد مكان للمبيت فيه وآخرون يسعون في الأرض لكسب بعض النقود والعودة بها لمساعدة أهاليهم في قضاء احتياجاتهم اليومية وسط غلاء المعيشة.
هؤلاء هم أطفال الشوارع التي أصبحت من أهم الظواهر السلبية المتفشية في المجتمع ولها أبعاد تربوية واقتصادية وثقافية ينتج عنها مشاكل كثيرة تؤثر في حرمان هؤلاء الأطفال من إشباع احتياجاتهم النفسية والاجتماعية ومن ثم بدأ عدد من المهتمين بقضايا الطفولة المشردة تناولها باعتبارها طاقة مفقودة قد تنعكس بالسلب علي المجتمع حيث يُعدون "قنبلة موقوتة" إذ لم يتم التعامل معها ومواجهتها بالشكل الأمثل.
تفشي هذه الظاهرة في المجتمع المصري يعود لأكثر من سبب منها التفكك الأسري وزيادة حالات الطلاق هذا بخلاف انشغال الآباء والأمهات عن أبنائهم وخاصة في الآونة الأخيرة لكثرة الضغوط عليهم فيتركوهم فريسة بين أنياب وحش متمثل في الشارع وأصحاب السوء فلا يتركهم إلا وقد عرفوا طريقهم إما للإدمان أو الإرهاب.
كثير من هؤلاء الأطفال الصغار التي تتراوح أعمارهم ما بين "5 وال 14 عاماً" يختارون حياة الشارع بإرادتهم هاربين من قسوة الوالدين أو أحدهما أو هروباً من المشاحنات والمشاجرات التي لا تنتهي بين الوالدين فيكون الخلاص الوحيد من معانتهم هم أصحاب السوء فهم أيضاً يبحثون عمن يخلصهم من مشاكلهم.
الدولة تساهم بشكل كبير في تفاقم هذه الظاهرة حيث ان همها الأول هو بناء مساكن جديدة للقاطنين في العشوائيات دون النظر لتوفير فرص عمل لهم والاهتمام بصحتهم وعدم توعيتهم بأهمية التعليم وبالتالي يبقي الحال علي ما هو عليه وتظل هذه التجمعات العشوائية هي البؤر الأساسية لأطفال الشوارع الذين لا يجدون أمامهم سوي التسول وخلافه.
هؤلاء الصغار انتهكت طفولتهم ويعاملون بقسوة من المجتمع وبالتالي نجدهم يحقدون علي المجتمع بأكمله حيث لا يشعرون بالأمان ولا الانتماء وقد يستغلهم ضعفاء النفوس كما يحدث في العراق فيستغلهم الدواعش في الأعمال التخريبية وبعض التفجيرات. فهل نحن المصريين سننتظر حتي يحدث ذلك عندنا أم ستسعي الدولة لمعاملتهم بأساليب تتماشي مع طبيعتهم برعايتهم اجتماعياً وصحياً وعلمياً والبحث عنهم في كل مكان دون الانتظار لمجيئهم لدور الرعاية وخلافه حتي يشعروا باهتمام الدولة بهم. فهم أكبر مشروع قومي يمكن ان يستغل في النهوض بهذا الوطن فمن الممكن ان نجد بينهم المبدع والمخترع والعالم والايدي العاملة. والصانع وخلافه.