وجدت طابوراً طويلاً عريضاً وزحمة ما بعدها زحمة.. سألت: قالوا: السكر وصل يا أستاذ.. طبعاً وبدون تفكير اندفعت داخل هذا المعترك وكافحت وسط أمواج من التزاحم البشري المهين حتي صبعت علي البائع الذي مد يداً وأخذ مني المبلغ المطلوب وأعطاني 2 كيلو سكر.. طبعاً فرحة كبيرة انستني ما حدث في الزحام.
خرجت من هذا التكتل البشري وكأنني فاتح عكا.. نعم معي 2 كيلو سكر في الوقت الذي يقف فيه عدد كبير من المواطنين ينتظرون هذه اللحظة.. وقلت لنفسي: الحمد لله.. فضل ونعمة!!
وأنا أسير في الشارع في طريقي لمسكني.. وجدت كل العيون تنظر إلي شنطة السكر.. وإذا بأحد العاملين في أحد المحلات يقترب مني ويستوقفني ويستحلفني بالله ان أعطيه ملعقة سكر لأنه لم يشرب شاي منذ يومين.. وأمام الحاحه اضطررت إلي الامساك بكيس سكر وفتحته وأعطيته منه حوالي ربع الكيس.. وأثناء ذلك تجمع حولي عشرات الأفراد.. كل واحد منهم يريد ملعقة سكر.. فإذا بي أعطيهم بقية الكيس وانجو بالكيس الآخر.
والسؤال الذي يردده الكثيرون: هل ستعود مأساة الكر والفر بين المواطن "البسيط الغلبان" وبين احتياجه للسلعة الضرورية؟!.. وكيف تحدث أزمة لسلعة إنتاجها وفير في هذا البلد؟!.. هل لأن المسئولين صدروا الإنتاج الجيد بالعملة الصعبة ويفكرون في استيراد اصنافاً أقل جودة كما يحدث مع الأرز سنوياً.
وزارة التموين تدافع عن نفسها وتوضح ان أسباب الأزمة تكمن في نقص الكميات المنتجة محلياً من السكر حيث يتم انتاج 2.4 مليون طن وحجم الاستهلاك الفعلي 3.1 مليون طن سنوياً.. وأيضاً نقص الكميات المستوردة في ظل أزمة نقص الدولار.. إلي جانب احتكار توزيع السكر من كبار الموزعين الحاصلين علي حصص توزيع من الـ7 شركات المنتجة واتفاقهم علي نقص المعروض في الأسواق لرفع الأسعار.
ورغم ذلك فإن وزارة التموين هي المسئولة عن هذه الأزمة ولابد لها من التدخل لحلها لأنه لا يعقل ان يعاني المواطن المصري من نقص في السكر أيضاً فيكفيه زيادة الأسعار مع قلة الدخل ونقص قيمته بصفة يومية أمام ارتفاع الدولار.
ان مثل هذه الأزمات - مفتعلة أو غير مفتعلة - تؤدي إلي احتقان أكثر في الشارع المصري الذي يغلي أصلاً لكثرة الأعباء الملقاة علي عاتقه.. فالأسرة المصرية لم تفق أساساً من زيادة مصروفات المدارس والجامعات حتي تجد نفسها أمام أزمة نقص السكر والذي يباع الكيلو منه في السوق السوداء بأكثر من 10 جنيهات.
وعلي الحكومة ان تقف بجانب الجنيه "الملطشة" ولا تكون سبباً في تعويمه لأن معني التعويم قلة قيمة هذا الجنيه أكثر من قلة قيمته حالياً.
** كلمة مهمة:
يا مسئولين.. توفير السلعة الضرورية وبأسعار مناسبة للشعب.. حق أصيل لكل أبناء الشعب.