الجمهورية
قدرى ابو حسين
نظرة للمستقبل
غريب أمر هذه الأمة لقد حباها الله عز وجل كل مقومات الوحدة من لغة يتحدث بها الجميع من المحيط إلي الخليج وجغرافيا ممتدة وتاريخ عاشه الكل وثقافة وفكر يكاد يكون متماثلاً وقع الجميع تحت نير الاستعمار في فترات متقاربة واستقلت عنه أيضاً في فترات متقاربة الجميع يقع في دائرة الدول النامية حتي من حاول الخروج من هذا المسار وضعت له العراقيل الواحدة تلو الأخري حتي تبقي في ذات الإطار لقد كانت هناك محاولات ومساع للائتلاف أحياناً وللوحدة أحياناً أخري بدءاً بجامعة الدول العربية التي تشكلت في أربعينيات القرن الماضي ثبت أنها عنوان دون مضمون ومكلمة دون فعل وهي جامعة حكومات وليست شعوب نظامها الأساسي يغل إمكانية تطويرها.. فشلت في تحقيق ما انعقدت عليه آمال العرب ثم جرت محاولات متتالية لإيجاد أشكال مختلفة من الوحدة بدءاً بوحدة مصر وسوريا أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات أجهضت بفعل مؤامرة غربية وشخوص وأدوات محلية استمرت الدعوة للوحدة.. من خلال زعامة عبدالناصر والذي اعتبرها وبحق أحد أهم أركان الاستراتيجية المصرية التي تشكلت في فترته من خلال شعار وحدة حرية اشتراكية ثم كانت محاولات ممسوخة للشروع في تحقيق شكل من أشكال الوحدة بين مصر وليبيا واليمن لم يكتب لها حتي الخروج إلي حيز الواقع وتبقي تجربة الخليج نأمل أن تكون بداية مؤسسية قوية تتسع أبعادها ومجالاتها يوماً بعد يوم الحقيقة أن شعار الوحدة ومحاولات ترجمته علي أرض الواقع انتهت بوفاة عبدالناصر لكن القوي الكارهة للوحدة العربية والخشية من تحققها لم يركنوا إلي هذه النهاية بل استمر مخططهم ليس في محاربة أي شكل من أشكال الوحدة ولكن أيضاً السعي نحو تفتيت القائم وشرذمته وتحويل الدول العربية إلي دويلات طائفية لا تملك من أمرها شيئاً وتبقي الكلمة في المنطقة لإسرائيل والقوي الناشئة في إيران وتركيا نحن نري بأم أعيننا هذا المخطط ينفذ وعلي قدم وساق لقد انفصل السودان الجنوبي عن الشمال وهناك محاولات عديدة لاستكمال تجزئته ثم كان العراق بوابة الأمة الشرقية يكاد يتحول إلي دويلات طائفية وقد بدأت بالفعل بالكردستان الذي يأخذ سريعاً شكل الدولة انفصالاً عن العراق الأم. "وسوريا العزيزة الغالية تتعرض لأشرس حرب شهدتها المنطقة بقصد إسقاط الدولة وتجزئتها وتفتيتها بعد إهدار إمكاناتها ولكنها والحمد لله استعصت علي الرغبات الشيطانية" وأحسن الرئيس السيسي صنعاً بأن أعلن بوضوح وقوفه ضد تفتيت وتجزئة سوريا.وها نحن نري اليمن تهدر فيه كل مقومات الدولة ويهئ لانفصال شماله عن جنوبه وغير ذلك أما ليبيا فأكاد أراها وقد عادت مرة أخري إلي ولايات ثلاث وإن كنا نأمل خيراً في القوي الوطنية المخلصة في بني غازي والتي يقودها خليفة حفتر ثم كانت تونس وأعتقد أنها تبتعد عن هذا المصير المؤلم يوماً بعد يوم بحكمة أبنائها وقادتها أما السعودية وهي بالقطع مستهدفة بالتجزئة والتفتي فالمتابع يدرك أنها دخلت الدائرة الجهنمية بتوريطها في اليمن وسوريا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف