الوطن
محمد صلاح البدرى
شكراً لمن لم يذكرهم وزير الصحة!
يحتاج الأمر إلى كثير من الشجاعة كى تصرح بغير الحقيقة أمام الناس.. والأكثر من الجرأة.. كى تفخر بإنجازات الغير وتنسبها لنفسك.. لذا فأعتقد أن السيد وزير الصحة يملك الكثير من الشجاعة والجرأة معاً! ربما أكثر بكثير مما نظن!!

لقد كان حواره التليفزيونى الأسبوع الماضى تاريخياً.. يحتاج المرء عند مشاهدته إلى الكثير من ضبط النفس.. والأكثر من الصبر الممزوج بالتسامح.. وهو يذكر إنجازاته فى مشروع.. لم يقدم سيادته فيه شيئاً تقريباً!

ففى حواره مع الإعلامية منى الشاذلى على فضائية cbc الأسبوع الماضى.. كان السيد وزير الصحة يفخر بالقضاء على قوائم انتظار مرضى فيروس سى.. ويتغزل فى إنجازه فى هذا الشأن! الفكرة أن العديد من المغالطات قد أتت على لسان سيادته.. ولذا أردت أن أذكره بالحقيقة التى ربما غابت عنه.. أو تعمد هو أن تبقى غائبة!!

لقد صرح سيادته بأنه تمكن من خفض تكلفة العلاج للمريض من عشرة آلاف جنيه إلى ألف وخمسمائة جنيه فقط!

والمعلومة صحيحة بالفعل.. فقد أصبحت تكلفة العلاج الشهرى للمريض لا تتجاوز الستمائة جنيه.. ولكن نسى أن ذلك الإنجاز لم يحدث فى عهد سيادته أصلاً!!

فقد طرحت الوزارة مناقصة لتوريد المنتج المصرى للعلاج فى يونيو ٢٠١٥ وتمت الترسية فى أغسطس من العام نفسه.. أى قبل أن يتولى سيادته الوزارة من الأساس!!

ثم كانت المغالطة الأخرى بتصريح سيادته بأنه أنشأ أكثر من خمسين مركزاً للعلاج فى جميع المحافظات! وهو ليس صحيحاً على الإطلاق.. فقد كان عدد المراكز فى سبتمبر ٢٠١٥ سبعة وأربعين مركزاً.. تمت زيادتها إلى اثنين وخمسين مركزاً الآن.. أى إن سيادته أنشأ خمسة مراكز فقط!

كل هذا فضلاً عن أن سيادته لم يذكر أى دور للوزير السابق أو للجنة الفيروسات الكبدية فى ذلك المشروع.. مع العلم أن اللجنة منذ إنشائها فى عام ٢٠٠٦ قامت بإنجاز يحسب لها حقاً.. وأن السيد الوزير السابق قام بدور لا يمكن إنكاره فى تسجيل الأدوية المحلية.. ودعم المشروع منذ بدايته!!

لقد حاول سيادته استخدام المشروع وما تم فيه من إنجاز لصناعة مجد شخصى له.. والحقيقة أن المجد لا يصنعه حوار تليفزيونى.. وإنما يصنعه رجال عملوا بإخلاص لسنوات.. حتى يصبح حلم القضاء على هذا المرض اللعين قريب المنال!

الطريف حقاً أن سيادته لم يحاول أن يشكر أحداً ممن عاونوه حتى على نجاح ذلك المشروع.. وكأنه كان يعمل منفرداً فيه.. دون أدنى مساعدة من أى جهة أخرى.. وهو غير صحيح بالمرة!!

سيدى الوزير.. الفضل لا ينسب إلا لصاحبه.. ومحاولات سيادتك الدؤوب لنسبه لنفسك -فقط- باحتفال هزيل.. أو بحوار تليفزيونى.. لن تنتقص من أصحابه شيئاً.. وإنما تنتقص من سيادتك!

كان أولى بك أن تذكر كل من ساهم فى ذلك المشروع.. أن تشكرهم على ما قدموا لهذا الوطن.. كان من الأحرى بسيادتك وأنت قيمة علمية كبيرة ألا تحاول طمس مجهود الآخرين.. فلم يكن لينتقص من فضل سيادتك شيئاً.. أما فكرة الظهور وحيداً فى المشهد اعتماداً على ضعف ذاكرة الناس فلا تليق بسيادتك!! فإذا كانت العامة تنسى سريعاً.. فالتاريخ لن ينسى الأبطال الحقيقيين الذين نجحوا فى تحقيق حلم القضاء على ذلك المرض اللعين!

سيدى الوزير.. إذا عز على سيادتك شكرهم لأسباب لا يعرفها أحد.. فلا أقل من أن نشكرهم نحن.. بل ونحنى رؤوسنا إليهم!

شكراً للجنة الفيروسات الكبدية المحترمة بكل ما بها من قامات علمية كبيرة.. . شكراً لسيادة الوزير السابق الدكتور عادل العدوى.. شكراً لأنكم أجدتم واجتهدتم.. شكراً لأنكم لم تبحثوا عن أضواء إعلامية لتفخروا بما قدمتموه لهذا الوطن! شكراً لكل من ساهم فى نجاح الحلم.. فى ما عدا سيادة الوزير.. فقد حصل على ما يبتغيه فحسب!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف