الوطن
سهير جودة
سماسرة الفوضى.. ارحلوا أو اصمتوا
إلى النخبة الانتهازية، إلى محترفى الشجار السياسى وسماسرة الفوضى والدمار، إلى الباحثين عن أدوار وفشلوا فى إثبات جدارتهم أكثر من مرة، إلى هؤلاء.. ابتعدوا عن القوات المسلحة فلا تستطيعون فعل ما تفعل ولا تفهمون ماذا تفعل؟ وابعدوا بشركم وسوءكم عن الشعب فليس لديكم ما تقدمونه إليه، اتركوا الجيش والشعب يكفيهم ما هم فيه من معاناة ومن ابتلاء ومن مؤامرات ارحلوا واصمتوا، لوذوا بصمتكم فقولكم بغى وفحش وفعلكم عار وسوء، اصمتوا لا تقتربوا بسوادكم من القوات المسلحة وأنتم متآمرون أو أنتم مشككون أو أنتم سافرون، اصمتوا وابتعدوا لا تتحدثوا عن أشرف بشر كفاكم وكفانا ادعاء النضال، وكم فى الوطن من ادعياء وكفاكم وكفانا أكاذيب تنثرونها وترددونها، ويصدقها من كان فى قلبه مرض أو من كان عقله فى أذنيه ويحاصره الفقر المعرفى ومهووس بحالة الهوس الجماعى، التآمر الدولى كبير على الوطن من لا يصدق يرحل أو يصمت أو لا يشكك ولا يصفق أو ينخدع فى الترويج للمؤامرة، أما من يعرف ويشارك فى التآمر من النشطاء وأصحاب منهج التهييج السياسى ومن له خراب الوطن مكسب فهؤلاء وجب عليهم النفى، فالوطن يعانى حقاً شر أبنائه وشر المؤامرات عليه، وتآمر بشر يحملون هويته ويعملون على دماره، أشباه بشر لا تمتلك شيئاً حقيقياً ويلعبون أدواراً وهمية ويحاولون تحويل أنفسهم من الهامش إلى المتن وهم أصفار، هؤلاء ومن يصدقهم للأسف فى تزايد وهؤلاء تجاوزوا الآن كل مراحل العبث والتشكيك فى جدوى ما تفعله القوات المسلحة فى سيناء، ووصل بهم الحقد والهراء والعمى إلى هجمة شرسة على الجيش وترديد أن العمليات فى سيناء ليست لدرء الإرهاب وإنما عنف متبادل، وبعضهم تطاول بكامل السخرية وهو الشىء الوحيد الذى يفعلونه مطالباً: أعطونا جدولاً زمنياً للقضاء على الإرهاب، والبعض يردد مؤامرات الإخوان الكلامية الجهنمية بأن الجيش يقتل أبناءه ليكسب تعاطف الناس، وحقاً من شر ناشط إذا نشط والحماقة فعلاً أعيت من يداويها، ولكن من يصدر هذه الحماقات وتلك الشرور يعلم جيداً متى وكيف ولماذا، المأساة فيمن يستقبلها وليس فيمن يرسلها، يا سادة الجيش فى ميادين المعركة فى واد وأغلب الشعب فى واد آخر بعيد، الجيش يخوض معركة حقيقية معركة وجود دولة ومجتمع وحياة حرباً حقيقية وليست مجازية، الجيش فى حرب والشعب فى ترف، فنحن اعتبرنا أن الأمن الذى تحقق لنا والذى جعلنا نعيش بأمان نخرج ونسهر ونعقد صفقات على جثة الوطن ونعقد ندوات ونطالب بمظاهرات على الشاشات ونشتكى من أحوال المعيشة ونتشاجر ونتقابل على مواقع التواصل الاجتماعى لقد اعتبرنا أن الأمن قد تحقق إذن أصبح كل شىء مضموناً وثابتاً، وليس مهماً هل معركة مصر انتهت أم ما زلنا فى حالة حرب متعددة الاتجاهات، لقد نسينا أن الحرب تشتد علينا كل ليلة، ونسينا كيف كنا منذ قليل وكيف لم نكن نأمن على اليوم التالى، وكيف كانت الأعمال والخدمات معطلة والبنية الأساسية مدمرة وهذه درجة من درجات الغفلة، القوات المسلحة لا تريد منا شكراً أو تقديراً ولكن أن نكون معدومى الإحساس بالقيمة وبالفعل الذى تقوم به ونستغرق فى توافه الأشياء ولا أحد يسأل نفسه ماذا فعلنا أو ماذا سنفعل هم يؤدون واجبهم ونحن لا نفعل شيئاً، وإذا فعلنا نفعل الشىء الأسوأ. فيما قبل 2011 كانت لدينا حالة شهيرة فقد كانت مساحة الحرية هى النقد الكروى وبالتالى تحول الشعب بأكمله إلى مدراء فنيين يجلدون اللاعبين والمدير الفنى وبعد 2011 أصبحنا جميعاً حكاماً سياسيين نتداول النظريات السياسية فى حكم مصر وأفعالنا لا شىء وقولنا لا يخرج عن نطاق الجلد أو التنظير أو الهجوم والتحريض والرفض والتربص ولم نفكر أننا لا بد أن نخجل من أنفسنا، فالمجتمع بكل أطرافه وبكل أطيافه لا يفعل شيئاً بينما الفئة المصرية التى عرفت معنى الحرب الحقيقية وأدركت الخط الفاصل بين الحياة والموت هى فئة مصرية مختلفة، نستطيع أن نتعرف عليها فى الندوة الثقافية الأخيرة التى حضرها رئيس الجمهورية فقد تحدث بها رجال من الجيش تجاوزوا السبعين عاماً وهم بالفعل الفئة الأفضل من المصريين، إحساسهم بالوطن إحساس آخر، نحن نتضاءل أمام هؤلاء، فعندما نسمع ماذا فعلوا وماذا نفعل وماذا يفعل الجنود والضباط الآن لا بد أن ندرك حجم الضآلة التى نحن عليها فى مقابل ضخامة العطاء والولاء والإخلاص عند هؤلاء، لا بد أن ندرك مصيبتنا التى تترجم فى استقبال الأشياء وآخرها رأى أو خطاب مقصود أو غير مقصود يطلقه شخص من فوق توك توك فيعتبره البعض بطلاً أو مثقفاً أو مفوهاً، نحن نستقبل المؤامرات بالإيجاب والتصفيق وبغض النظر عن دقة أو انعدام الدقة فى هذا الكلام فلا نسأل كيف انتشر هذا الفيديو، لماذا الآن، وكيف أصبح الحادث والحدث والحديث، متى نستيقظ متى ننتبه، فالفقر المعرفى والهوس الجماعى أشد وطأة من الفقر الاقتصادى، اختفاء المنطق والتفكير والعلم هو الكارثة وليس اختفاء السكر والأرز والدولار.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف