يسرى السيد
مصر لن تموت ابدا لانها تستطيع!! اذا حضر العلم والابداع بطل التيمم..
في عز الازمات تجد بصيص الضوء يأتي من اشعاع العلماء والمفكرين والادباء والمبدعين وهذه عظمة الدول الكبري بحق وحقيقي.
عندما تجد نفسك في حضرة علماء في قامة الدكاترة فاروق الباز ومحمد غنيم ومجدي يعقوب ود.مصطفي السيد علي سبيل المثال لا الحصرضمن مئات الآلاف من العلماء تعرف ان مصر لن تموت ابدا حتي لو حاصرتها الازمات!!
عندما تجد نفسك في حضرة ابداعات لا تموت سواء رحل اصحابها بدنيا او مازالوا احياء بيننا مثل ادب نجيب محفوظ ويوسف ادريس وعبد الحكيم قاسم ويحي حقي وطه حسين وعبد الرحمن الابنودي وسيد حجاب وام كلثوم وعبد الوهاب ونجاة وفيروز ويوسف شاهين وعاطف الطيب وخيري بشارة وداود عبد السيد ويحي الفخراني واحمد زكي وسعاد حسني.. الخ. تؤكد ان مصر لن تموت ابدا حتي لو حاصرتها الازمات لانها تستطيع!!.. لكن السؤال الذي يشغلني دائما لماذا لا نتحرك جميعا للامام ونحن نجد في مصر بصيصا من ضوء كل فترة يعطينا الامل في اننا نستطيع.. تجارب تبدد الظلام حولنا وتزلزل اقدام من ارادوا او يريدون سوءاً بمصر؟
* د.غنيم وكلي المنصورة
مثلا في عز انهيار الخدمة الصحية في مصر وشعور الفقراء في بلادنا بانه لا علاج لهم خاصة عندما هجم عليهم الفشل الكلوي ظهر نور في قلب الدلتا المصرية في صورة د. محمد غنيم ليبني صرحا يضاهي اكبر الصروح الطبية العالمية بل اصبح قبلة لاطباء من دول غربية كثيرة جاءوا ليتعلموا علي ايدي د.غنيم وزملائه وتلاميذه...وكان السؤال الذي شغل بال الجميع كيف حدثت المعجزة في ظل البيروقراطية العقيمة من جهة وقلة الامكانيات مع الترهل الوظيفي من جهة ثانية؟
جلست مع د. غنيم اكثر من مرة وهو علي كرسي القلعه الطبية كي اتأمل ملامح هذه الشخصية العبقرية..هو.. بسيط للدرجة التي يلعب فيها الكرة مع شباب في احد شوارع المنصورة وحازم الي درجة الصرامة التي تجعل الكل من طاقم الاطباء والتمريض يخاف منه ويهرب حتي لايراه اذا اقترب... غاية في الرقة والحنية مع المرضي الفقراء للدرجة التي تشعرك انه يكاد يقبل اقدامهم . متعالي مع من يتعامل معه بتعال وغطرسة من المسئولين. ابن بلد وصاحب خفة دم لا توصف اذا كانت القعدة فرفشة !!
في عهده منع اي طبيب يعمل بالمركز من فتح عيادة خاصة او العمل في اي مستشفي استثماري او خاص رغم انهم من المع واكفأ اساتذه الجامعة والمدرسين المساعدين والمعيدين في كلية طب المنصورة..
في عهده ارتفعت مكانة طب المنصورة بل الجامعة كلها الي مصاف جامعات القمة التي تحصل علي اعلي المجاميع للمتقدمين اليها. ونافست القصر العيني وعين شمس والاسكندرية.. باختصار وجود د. غنيم اشارة ربانية تؤكد ان مصر لن تموت ابدا حتي لو حاصرتها الازمات لانها تستطيع!!
* د.احمد زويل وحلمه الذي لم يره.
وفي وسط التردي في البحث العلمي عرفنا الراحل د. احمد زويل ليصرخ في غياهب عدم الاهتمام بالبحث العلمي بانه لا حل امامنا الا البحث العلمي وقدم لنا عصارة تجربته بحلم مدينة زويل العلمية.. وقابلنا حماسه وحلمه بالعراقيل وكلما تقدم خطوة زرعنا امامه مليون لغم ورحل قبل ان يري حلمه نبته او شجرة. لكن تجربته تؤكد ان مصر لن تموت ابدا حتي لو حاصرتها الازمات لانها تستطيع!!
* د.مجدي يعقوب وقلب أسوان.
وفي اقصي الجنوب وفي أسوان ذهب الي هناك من ينافس الجرانيت في الصلادة.. ذهب الي هناك من حصل علي المجد في بلاد الخواجات وحصل علي لقب "سير" وتاريخ حافل وصل الي نحو 25 الف عملية جراحية في القلب... ومثلما خبر داء القلوب كان علي يقين انه يستطيع ان ينفذ بمشرطه الي قلب المستقبل المريض.. اقصد قلب اطفال مصر.. ولا يوجد في الدنيا من الالم ما يوازي الشعور بالم طفل صغير خاصة اذا اقترن معه عوز وفقر اب او ام لا يملك ثمن شريط اسبرين..
ومثل د. غنيم الذي حفر بيده في طين الدلتا في المنصورة بدأ د. يعقوب الحفر في جرانيت اسوان تحت نار الشمس الحارقة.. وبدأ المشوار واصبحت اسوان قلعة لطب قلب الاطفال يتجه لها الجميع من مصر والعالم العربي بل وبدأنا نصدر العلم للعديد من الجامعات الغربية الكبري.. ولا يتوقف الطموح عنده وبدأ في الحلم باقامة مدينة طبية وعلمية كاملة علي مساحة 28 فدانا.. المهم ووسط كل ذلك ظهر سارقو الفرحة والحلم مثلما ظهروا مع د. زويل ود. غنيم لكن الحمد لله فشلت المحاولة واعتقد انها لن تكون الاخيرة لاننا في بلادنا نتكاتف جميعا كي نسقط الناجح في بئر الفشل علي عكس الغرب حين يتكاتفون لاخراج الفاشل من بئر الفشل الي عالم النجاح.. لذلك تقدموا ونحن تخلفنا ومع ذلك تجربة د. يعقوب تؤكد ان مصر لن تموت ابدا حتي لو حاصرتها الازمات لانها تستطيع!!
* د.هاشم فؤاد والقصر العيني
هو واحد من الاطباء العظا م في عهد عمادته لكلية طب جامعة الفاهرة تحولت مستشفي القصر العيني الي نموذج قبل ان يتكالب عليه خفافيش النجاح. ووصل الامر في عهده انه كان يدخل الي مطابخ القصر العيني ليري بنفسه كيف يتم تنقية الارز الذي يقدم للمرضي مع غسيل الخضروات وكان يتذوق بنفسه الطعام الذي يقدم للمرضي الفقراء.. كان يمر علي العنابر ويشرف بنفسه علي عملية مسح الارض ونظافة الاسرة.. ولكم ان تتخيلوا الباقي.. الانضباط في غرف العمليات اصبح سمة. والحساب العسير مع اي مقصر حتي لو كان استاذ ورئيس قسم.. باختصار كان القصر العيني مستشفي 5 نجوم قبل ان نعرف المستشفيات ال 5 نجوم.. بأختصار تجربة د. هاشم فؤاد تؤكد ان مصر لن تموت ابدا حتي لو حاصرتها الازمات لانها تستطيع!!
***
هذه التجارب كانت الجهود الذاتية فيها والسمات الشخصية هي البطل.. ملاليم الفقراء والاحباء كانت السند مع اخلاص وانسانية نادرة في هؤلاء و استطاعت في النهاية ان تجذب اليها الالاف من المصريين ليقدموا النموذج علي ان مصر تستطيع!!
لكن هذه التجارب علي سبيل المثال لا الحصر تطرح عدة اسئلة في مقدمتها اين رجال الاعمال في بلادي الذين حصلوا علي ثرواتهم من هذه الارض؟
في الخارج تجد المعامل والاقسام العلمية في الجامعات ينفق عليها رجال الاعمال...وفي بلادي بعض رجال الاعمال ينفقون اموالهم علي تخريب الضمائر وشراء الذمم !!
هناك يخصصون جزءا كبيرا من ثرواتهم علي الثقافة والعلم والتعليم والاعمال الخيرية ورعاية الحيوان..وفي بلادي بعض رجال الاعمال ينفقون اموالهم علي راقصات او ما شابه ذلك..
هناك بعض رجال الاعمال ينفقون اموالهم علي مصانع وصناعات تعود بالتقدم لبلادهم ووفي بلادي يتفنن بعض رجال الاعمال في بيع الهواء لنا..
والسؤال هل التقدم في بلادي مرهون بارادة بعض رجال اعمال مثل هؤلاء ام بعلماء لا يملكون سوي الحلم والاخلاص لمبادئهم وانسانيتهم ام لملايين هدهم الجهل والفقر والمرض؟
الاجابة كم في مصر من امور تحير الكل امام فك كلمة السر فيها؟
الفراعنة اذا ارادوا لا يقف امامهم احد لذلك لا يريد الكثير ممن حولنا او يتربصون بنا ان ننطلق.. يطبقون معنا سياسة الطفو.. اي يساعدوننا حتي لا نغرق لكن بشرط الا نسبح للامام.. فهل نسمح لهم بذلك.. الحل والامل من جوه..من جوه .. من جوه.. افيقوا ايها المصريون قبل فوات الآوان !!
* فاروق شوشة
يرحل العمرُ وئِيداً. تسقطُ الأعوامُ في الهُوَّةِ. يْلَتَفُّ الصبايا حولَ نَايِ الحُبِّ تغريهِنَّ بالتَّرنْيِمِ مَنْضُوراً فَتِيّا..عاشقاً. طَلْق الْمُحِيَّا.
* مقطع من فصيدة الذي رحل هذا الاسبوع من تربينا جميعا علي صوته.. احببنا الشعر وهو يتدفق بنبرات صوته .. هو الشاعر الرقيق فاروق شوشة... عشقنا الاذاعة من صوته.. ذبنا في اللغة واصبحت به لغتنا الجميلة واصبحت: ¢ انا البحر في أحشائه الدر كامن.. فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي¢..
بهذا البيت جعل شاعر النيل حافظ ابراهيم يعيش بيننا.ويزورونا مساء كل ليلة علي اثير البرنامج العام .. نافسه في السحر الكثير من البرامج والمسلسلات لكنه ظل في مكانة لاينافسه فيها احد رغم محاولة تقليده..
واذكر واقعة لا يعرفها الكثيرون تؤكد نبل مشاعره.. منذ سنوات وبالتحديد عام 1996 فاز بجائزة الدولة التقديرية في الآداب وكان اول رد فعل له ان قام بزيارة الشاعر الكبير احمد عبد المعطي حجازي وكانت اول جملة له علي باب شقته في مصر الجديدة : انت الاحق مني بالجائزة يا استاذ حجازي..وهنا تلعثم شاعرنا الكبير بعد ان كان الغضب مسيطرا عليه..واضاف شوشة وهو يقبله جئت اليك بالجائزة لانه لا يعقل ان افوز قبلك بها وانت الذي تعلمنا منه جميعا باضافتك القصيدة الحرة للشعر العربي كله مع صلاح عبد الصبور ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب .
* يرحلُ العمرُ. وتمضي سَلَّةُ الأعوامِ لا تَحْمل شَيّاپ..يَسْقُطُ السرُّ. يدوسُ الناسُ. ينهالُ الترابُ الصَّلدُ. يدنو القَيْدُ. يَهْوِي النَّايُ مُلْتَاعاً.. شَجِيّاپ..من جديد ها أنا ألقاكَ في عَصْفِ الذُّهول الْمُرِّ. تجتازُ الفِجَاجَ السُّودَ. مَخْبُولا.. شَقيًّاپ..و بعينيكَ سؤالى أخْرَسُ الدَّمْعَةِ مازالَ عَصِيّاپ..ما الذي سَدَّدَ في قلبِكَ سِكِّينا؟! وفي عْيَنْيكَ حُزْناً أبَدِيْا؟!