هذا علم جديد ابتكره بعض المصريين، ومارسوه على صفحات الصحف المطبوعة، وعلى أثير الإذاعة، وانتشر بشكل خاص على شاشات الفضائيات العربية عامة والمصرية خاصة.
عدد من خبراء الإعلام رصدوا هذه الظاهرة، وقرر بعضهم أن يتصدى باستخلاص «نظرية علمية» تؤسس لهذا «العلم الجديد»، وأن يضعوا تصوراً لطريقة ممارسة هذا النشاط، والمواصفات التى يجب أن تتوفر فمن يتصدى لممارسة هذا النشاط.
وقد بدأ هؤلاء الخبراء باختيار الاسم الذى سيطلقونه على هذا النشاط، واستقر رأيهم بعد البحث المضنى على نحت كلمة تعبر بدقة عن هذا النشاط، واستقر رأيهم على أن يطلقوا على هذا «العلم» المبتكر تسميه «الشلقعام»، والتسمية مشتقة من كلمة مصرية عامية «التشليق» وادمجوها مع كلمة «إعلام» فى هذا الاشتقاق «الشلقعام».
ولمزيد من التوضيح، فإن «التشليق» وهو عبارة مصرية تعنى استخدام أبشع أساليب السباب وأكثرها انحطاطاً والتى تتعرض لأعضاء بالجسد لمن يختلف مع خبير «التشليق»، وتتسع دائرة من يهاجمهم خبير التشليق لتشمل الآباء والأمهات، وكل من يمت بصلة لمن يهاجمه «الشلق» (بتشديد الشين وفتحه على اللام).
والتسمية دمجت حروفاً من «التشليق» و«الإعلام» معاً؛ لأن هذا النشاط انتشر بشكل واسع على شاشات الفضائيات وفى كثير من وسائل الإعلام.
وبعد أن اطمأن خبراء وأساتذة الإعلام إلى أن التسمية لهذا العلم الجديد تسمية مناسبة، وضعوا تصوراً لاختيار «المواهب» التى تمارس هذه المهنة.
ويرى هؤلاء الخبراء، أن تجرى اختبارات جادة وقاسية لكل من يرغب فى ممارسة هذه المهنة. وتطرق الخبراء إلى تفاصيل كثيرة، منها مثلاً أن يتم اختبار ممارس مهنة «الشلقعام» فى ديكور يتم بناؤه خصيصاً لإجراء هذه الاختبارات وهذا الديكور المقترح يحاكى مكاناً اكتسب شهرة هائلة فى عالم «التشليق» وهو «حوش بردق»، ورغم أننى لا أعرف أين يقع «حوش بردق» هذا، فإنَّ مهندس ديكور متميزاً يستطيع أن يتخيل مواصفات هذا المكان الشهير فى الأدبيات الشعبية المصرية وهو «حوش بردق».
ويرى الخبراء والأساتذة المعنيون أن تركز الاختبارات على مواهب أساسية يجب تتوافر فيمن يسمح لهم بممارسة مهنة «الشلقعام» مواهب وقدرات خاصة.
أولاً: أن يثبت أنه يحفظ كماً هائلاً من عبارات السباب وتجريح الخصوم.
ثانياً: أن يؤدى هذا السباب بصوت جهورى يماثل الأصوات الزاعقة التى يستخدمها محترفو التشليق فى الأزقة والحارات.
ثالثاً: أن يجيد استخدام حركات اليد وغيرها من أعضاء الجسد التى تمثل تعبيراً رمزياً لبعض ألوان السباب والتى تضمن لمن يحسن استخدامها مكانة متميزة فى عالم «التشليق».
رابعاً: أن يكون من يتم اختباره قادراً على أن يمارس أكثر الممارسات انحطاطاً دون أن يشعر بأى درجة من درجات الخجل.
خامساً: أن يثبت أن ولاءه لمن يدفع أكثر سواء كان ما يحصل عليه مالاً أو منصباً.
يبقى أن أؤكد للقارئ العزيز أننى حرصت على تفصيل معقول لهذا العلم الجديد لهدفين:
1- أن أحفظ لممارسى هذه المهنة حقهم الأدبى فى ابتكار هذا النشاط.
2- أن يتنبه كل من يتصدى لحديث عن مهنة الإعلام إلى أن هذا النشاط لا ينتمى بأى صورة من الصور إلى مهنة الإعلام كما يعرفها العالم المتحضر والمحترم.
وأن استخدام ممارسى «التشليق» وسائل الإعلام المختلفة لا يعنى مطلقاً أن نناقش ما يقدمه هؤلاء باعتباره «نشاطاً إعلامياً».
وشاهدى على ذلك أن شاشات التليفزيون وأثير الإذاعة وصفحات الصحف يمكن أن يستخدم لعرض ونشر مشاهد جنسية، فهل نعتبر هذا إعلاماً؟! وإذا شاهدنا عروضاً تجارية لسلع يتم تسويقها على شاشات تليفزيون أو أثير إذاعة أو صفحات مجلات، هل نعتبر «التسويق عبر وسائل الإعلام» نشاطاً إعلامياً؟!
يا سادة.. مهنة الإعلام من أكثر المهن احتراماً فلا تلوثوها بأن تنسبوا لها ألواناً من النشاط لمجرد أنه يستخدم وسائل الإعلام، وحاسبوا كل نشاط بمعايير نوعية هذا النشاط.