الوفد
عباس الطرابيلى
استجواب لله.. يا نواب البرلمان
وسائل الرقابة الشعبية علي أعمال الحكومة في البرلمان عديدة.. أبسطها هي الأسئلة.. وأوسطها طلبات الإحاطة.. ولكن أخطرها وأهمها هي الاستجوابات.. التي تصل إلي حد اتهام المسئول: وزيراً أو رئيساً للحكومة، بل ويمكن أن ينتج عن الاستجواب: استقالة الوزير.. أو إقالته.. بل وسحب الثقة من الحكومة كلها.
ولكننا- بكل فخر- لم نسمع عن نوابنا، أو عن كتلة برلمانية أو عدد من النواب الأعضاء، من تقدم باستجواب، رغم مرور دورة برلمانية كاملة من عمر هذا البرلمان.. فهل نسي النواب دورهم الرقابي هذا.. أم ان مصر كلها، وأخطر ما تعاني منه، ليس فيها ما يستحق تقديم هذا الاستجواب.. أم ان نظام إدارة جلسات البرلمان- الحالي- تغيرت عما كانت، أو عما هو متبع في برلمانات الدنيا كلها.
<< أغلب الظن أن نوابنا- الأفاضل- لم يجدوا في كل ما تعاني منه البلاد مبرراً واحداً لتقديم هذا الاستجواب.. اللهم إلا إذا كان نوابنا يغمضون عيونهم فلا أحد يسمع، ولا أحد يري.. وبالتالي ليس فيهم من يتكلم.. نقول ذلك، بينما الناس تئن- جميعهم- من كثرة ومخاطر المشاكل التي تحاصرهم.. أو ربما تصل إلي النواب- في بيوتهم- كل السلع التي يعاني الناس من نقصها من سكر وأرز ولبن أطفال.. أو يحصلون علي أفضل قطع اللحوم- من الجمعيات الاستهلاكية- دون دهن أو شغت أو عظام.. وبالسعر الرسمي الذي يسمع به الناس فقط في وسائل الإعلامي الحكومي!!
<< ولقد كنت يوماً محرراً برلمانياً أتابع الجلسات- عندما كان في مصر برلمان وعندما شاركت في اعداد أكثر من استجواب، من تلك الاستجوابات الخطيرة التي قدمها فطاحل نواب الوطن الكبار: من أمثال المستشار ممتاز نصار وعبدالمنعم حسين وعلي سلامة.. وعلوي حافظ.. وهي استجوابات هزت دعائم الفساد منذ الثمانينيات.. وللأسف ورغم ان مشاكل مصر الحالية أخطر بمئات المرات، مما كان يعانيه الشعب زمان، فإننا لم نجد من يتجرأ، ويستجمع شجاعته.. ويدرس هو وطاقم مساعديه ويغوصوا في أعماق المشكلة.. ليقدموا استجواباتهم التي هزت البرلمان فهل هذا يجيء قصوراً من النواب.. أم تقصيراً من أحزابهم التي يجب أن تقف وراء نوابها، الذين هم نواب الأمة.
<< ورغم الأسماء الضخمة التي كانت تدير البرلمانات المصرية زمان، وآخرهم الدكتور رفعت المحجوب.. والدكتور فتحي سرور، إلا أن هؤلاء الكبار من رؤساء البرلمان- زمان- كانوا يسمحون للنواب أن يقدموا استجواباتهم.. حتي ولو جاء «القرار» بإسقاط كل هذه الاستجوابات.. ولكن الصحف- زمان- وكذلك الإعلام كانت تنقل للشعب كل ما يجري تحت القبة، من هذه الاستجوابات.. وهي كانت تهز الحكومة، وتعمل ألف حساب لمعناها.
<< ولكن يبدو ان البرلمان الحالي- إما عن جهل.. أو تجاهل.. أو تعليمات فوقية غير مسموح له بتقديم أي استجواب.. وإما ان مصر كلها ليس فيها من المشاكل ما يحرك البرلمان كله.. أو يدفع أحد نوابه لكي يستجوب.. أغلب الظن ان البرلمان والحكومة يعيشان في شهر عسل مستمر ودائم.. هذا إلا إذا كان هناك من يكمم الأفواه.
وعمار يامصر، بعد أن اختفي صوت النواب تحت القبة وخارجها!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف