الأخبار
يسرى الجندى
نسترد ما ضاع منا (٢)
هل أعتقد ومازلت أن مسرحية علي الزيبق ذات اللغة البسيطة المستوحاة من روح التراث لم تكن فقط تحمل بشارة بما حققناه في حرب أكتوبر التي استدعيت إليها وقت عرضها - وأنما تشير إلي ميلاد جديد للإرادة الشعبية فاعلة ومشاركة.. ولكنها أيضاً تقودنا إلي سؤال مؤلم وهو: لم توارت هذه الإرادة الشعبية سريعاً؟ وكيف؟ وهو ما نريد التوقف عنده الآن وغدا.
- ونكمل أولاً تتبع الحقيقة قبل الحرب ما بين المسرحية والواقع.
- بعد سقوط علي الزيبق وفشل نوادره (الفردية) يجري جدل حاد بين عدد من الأبطال الفرديين في السير الشعبية!
وكانوا ضمن مشاهدي العرض من بدايته وينهي الجدل الملك سيف بن ذي يزن بقوله (كل ما شاهدناه هو مجرد رحلة (معرفة) صعبة لمصري بيتعلم ويتغير ويعاني كما عانيت من جحيم الشر).
- إذن فمازالت رحلة الزيبق رحلة لم تكتمل لنحكم
- فحين جاءت أخبار اقتراب الهمج من حدود مصر تحركت مشاعر المصريين.. ولكن حيل بين مشاعرهم هذه وبين إرادة المشاركة فمن خرج لهم؟ يقول نجم الشاعر وصديق علي: (خرج المماليك العظام .. سنقر الكلبي حاميها وحراميها الشركسي وقائد الميسرة كان بيدمر.. المرتشي المخبول وتمر بنا الدفء كما دودة الجلادين همة اللي خرجوا وإحنا هنا نتفرج مين غيرنا كان يخرج لحد الموت!)
- وإذ يصر الزيبق علي الخروج.. يواجه معهم الهزيمة والفرار وتسأله أمه أخرجت فوق طاقة كل فوارس الزمان وكل علي : (فوارس المماليك!؟.. وهنا توضح فاطمة جوهر الأمر حين يسأل في سخرية (اللي باقي الناس!؟ مش ده اللي باقي) حينها ترد فاطمة: (الناس ما دخلوش معركة عشان تحكم.. اللي دخل معركة مع الكلبي إنت مش همه.. واللي سلم أرضها للهمج همه.. مماليك العرب من ناسها برضه يا علي.. ما حد نادي عليهم وفتح ابوابها ليهم.. الناس يا علي همه المشكلة والحل)!
- هنا المفتاح لباب الحقيقة.. ونقطة التحول الجوهري التي سجلتها حرب أكتوبر.. الناس حين يمتلكون القرار ويشاركون في تحقيقه.. الشعب المصري وأبناؤه في الجيش المصري حين يجتمعون علي قلب رجل واحد بعد ما تجرعوا مرارة الانكسار معاً فأصروا في النهاية علي المواجهة واستعدوا لها كما ينبغي.
- وحين ينزل الزيبق وسط الناس ينادي فيهم بالاحتشاد للمواجهة بدءاًَ من مواجهة جلاديهم أولاً مطالبين بالحرية والعدل ليتمكنوا من مواجهة الهمج.. يقول علي بلسانهم في مواجهة السلطان ورجاله (حتي اللقمة لو موفورة يا مولاي.. اللقمة مغموسة بقهر طويل.. صفعه سنقر الكلبي والضبع والتمساح.. ماتت معاه الحياه ماتت معاه الحكمة جواهم والعقل وإرادة التدبير.. وهمه كانوا المنارة للأمم والراية وسيف الحق.)
اتكفنت جواهم القدرة بفعل الكدب والتضليل.. حررهم من نير الكلاب همه الخلاص.. من غيرهم الطوفان لو جه مش ح يخللي حد ويتلقف الملك سيف كلمات الزيبق ليكمل متحدثاً بلسان ابطال السير المشاركين مع جمهور العرض كأنما يخاطبهم مثلما يخاطب من علي المسرح (خدوا حقكم والكل قدام الخطر.. غيركم مفيش زي قول المفتي الزيبق لما طرق باب الحقيقة.. الناس همة البطولة الممكنة في زمن وعر وعصيب) ويكمل عنترة (زين الفوارس والحيل وليّ ومضي لا الزيبق ولا عنترة ولا الهلالي ولا الملك سيف همة الأمل) وتنتهي المسرحية حول نفس المعني علي لسان الزيبق: (يا إما أنتم .. يا إما ح يضيع الزمان ويقولوا كان هنا بلد وناس وجه الطوفان من غير ما تتحرك سفينة).
ونعود للواقع علي الأرض كان الجيش يكمل معركته المجيدة في مواجهة الثغرة والشعب كله خلفه يتابع في استنفار ونحن في الجبل الأحمر علي أهبة الاستعداد للمشاركة في انهاء المعركة ونوشك علي التحرك إلي الجبهة.. وفجأة جاءتنا إشارة بإيقاف التحرك.. كان قرار إيقاف ضرب النار:
- هذا كانت بداية ضياع التحول التاريخي الذي حققته حرب أكتوبر.. في أن يصير الشعب المصري شريكاً في صنع القرار.. بداية لميلاد جديد.
كيف؟.. ولم هذا ما نشير إليه لاحقاً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف