الوطن
ياسر مشالى
أيها الساكتون..
لن تتحسن أحوال بلادنا إذا لم ينجح الإعلام والمدرسة والجامعة مع المسجد والكنيسة فى مواجهة هذه الآفة القاتلة للشعوب، هى ليست أسلحة نووية ولا قنابل عنقودية ولا سلاحاً بيولوجياً أو كيماوياً، بل أخطر من ذلك بكثير، إنها لا تقتل شخصاً أو عشرات أو مئات من الناس، بل تقتل وطناً بأكمله، إنها ثقافة السكوت و«اللامبالاة» والاكتفاء بـ«الفرجة»، وهل هناك ما يدمر شعباً أسرع من هذه الآفة الجماعية؟

لو أن كل مصرى شريف، وغالبية المصريين شرفاء، تخلى عن سلبيته وشارك فى تغيير ما يراه من أخطاء أو مخالفات أو جرائم بالطرق السلمية المشروعة، سواء بالإبلاغ عنها للجهات الرقابية أو نشرها فى وسائل الإعلام، أو بأى طرق التعبير، أكيد ستتغير الأحوال إلى الأحسن، وسيكون المواطن هو المستفيد الأول من هذا التغيير، فقد ثبت أن «نظرية جحا» لا تحمى أحداً، فالخراب إذا حلّ بوطن لن يستثنى من سكانه أحداً، ألا نتدبر قوله تعالى «وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً»؟.

أيها المواطن الذى يشتكى من غلاء الأسعار.. لا تستسلم لتاجر معدوم الضمير يبيع لك سلعة بأعلى من سعرها المعتاد، لا تصدق أكذوبة نقص السلع، فكل السلع الغذائية تحديداً متوافرة، لكن بعض كبار المجرمين يخزنونها لتعطيش الأسواق ثم بيعها بسعر غير عادل، سارع بالإبلاغ عنهم فوراً، حاصرهم قبل أن يحاصروك، لن تموت لو أنك قللت استهلاكك المعتاد من السكر أو الأرز أو الزيت «مؤقتاً»، فقريباً جداً ستجد «لصك» يفترش البرش فى ليمان طرة أو أبوزعبل.

ويا ولىّ الأمر.. كن شجاعاً وأبلغ عن المدرس الذى يبتز ابنك فى المدرسة ليجبره على الدرس الخصوصى، فأنت وأنا ومن سبقونا فى التعليم لم نأخذ دروساً خصوصية إلا قبل امتحان الثانوية العامة بأسابيع قليلة، ولم نرسب ولا سنة واحدة، وتعلمنا فى مدارس حكومية بائسة، لكن تخرج منها علماء أفذاذ ومفكرون.

ويا من تبنى منزلاً وتتعرض لابتزاز موظفى الحى أو مهندسى التراخيص.. لا تخضع للابتزاز ولا تقدم رشوة لأحد، وأبلغ عن هؤلاء اللصوص، ففى النهاية ستبنى منزلك وستحصل على التراخيص اللازمة رغم أنفهم.

ويا من تصلى فى مسجد أو كنيسة.. لا تخجل من التصدى لخطيب أو قس يحضك على التطرف أو يحقر من يعتنق ديناً غير دينه، فالدين لله والأوطان للجميع، ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة.

لا تكن ساكتاً عن الحق، فالأوطان لا تبنيها الحكومات، خاصة إن كانت فاشلة، ولكن يبنيها أبناؤها رغم أنف اللصوص وهواة السياسة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف