عبد الرحمن فهمى
رئيس الوزراء له قلب الأسد
أهم خبر في صحف اليومين الماضيين هو الانتهاء من المرحلة الأولي من مشروع استصلاح المليون والنصف مليون فدان.. وتم طرح نصف مليون فدان بسعر 8 آلاف جنيه للفدان.. لي رجاء ملح من أجل هذا البلد أريد ألفاً واحداً من ألف فدان من الخمسمائة ألف تباع دفعة واحدة لإنشاء مزرعة جماعية مثل مزارع زمان التي كانت تقيم علي طول المزرعة مصانع ألبان ومصانع جلود ومصانع مربي بل مصانع ريش وعسل نحل.. بل ومنافذ بيع لكل خير مصر.
لقد ناديت عدة مرات حتي جف قلمي من أجل العودة إلي المزارع الجماعية القليلة التكاليف الغزيرة الإنتاج.. لا الإنتاج الزراعي فقط بل بجوارها أنشطة صناعية وتجارية كثيرة.. وقد عاصرت في الأربعينيات تجربة حية كانت هناك مزرعة نموذجية شاسعة تضم أنشطة التصنيع الزراعي والإنتاج الحيواني بل والداجني حتي عسل النحل ومنطقة لوجستية.. هذه المزرعة هي التي بنت مستشفي الدمرداش بالعباسية المجانية وتتولي الصرف عليها بناها الدمرداش باشا الكبير ولما صدر قانون الاستصلاح الزراعي طلبوا من حفيدته قوت القلوب أن تختار الفدادين التي ستترك لها فرفضت وطلبت بقاء المزرعة كما هي تحت إشراف الدولة ولكن تم تقسيمها فهاجرت إلي إيطاليا حيث توفيت هناك وتوفي قبلها المزرعة التي كانت تكسب الكثير منه وتنفق علي المستشفي المجاني.
تعالوا نجرب المزارع الجماعية في ألف فدان من الخمسمائة المعروضة للبيع.. ونضع أمام أعيننا ما فعله إسماعيل باشا صدقي عندما تولي رئاسة الوزراء عام 1930 مع بداية أكبر أزمة اقتصادية داهمت العالم كله نتيجة أحوال جوية شرسة اجتاحت معظم الدول وجاعت شعوب كثيرة في نفس الوقت الذي حول إسماعيل صدقي باشا الصحراء إلي مزارع تحت إشرف الحكومة.. وفي هذه الأوقات ظهرت فكرة الصوبات "الصوب هي تغطية المزروعات بالزجاج أو البلاستيك للسماح بدخول الشمس وهواء قليل".. وفي هذه السنوات ظهرت تسمية مصر بلقب "سلة قمح العالم" بسبب هذه المزارع الجماعية.. طبعاً لا نقبل السخرة التي اتبعها صدقي باشا كما سبق أن فعلوا في حفر القناة.. ولكن يمكن إعادة التجربة في عصر "حقوق الإنسان" المنتشرة الآن.
****
البلد في حاجة لرئيس وزراء مثل إسماعيل صدقي "ذي قلب الأسد".. جاءه مهندس إيطالي اسمه "دانتمارو" لم يعجبه شاطئ بحر الاسكندرية بلا كورنيش وعرض الأمر علي صدقي باشا فقرر صدقي بناء الكورنيش الذي نراه الآن الذي حول ميناء اسكندرية إلي مرسي البحر الأبيض المتوسط التي هاجر إليها الكثير من اليونانيين والإيطاليين والألبان.. ودبت الحضارة الأوروبية في كل أنحاء الاسكندرية.. نابليون حينما غزا مصر وأحضر معه أول مطبعة تدخل مصر قرر بناء مبني لها في المنشية بالاسكندرية وليس بالقاهرة.. لذا بدأ صدور "الأهرام" بالاسكندرية حيث المطبعة الوحيدة.. كتبت صحف المعارضة ما هي قدر العمولة التي أخذها صدقي باشا من بناء الكورنيش.. ورد الناس كلهم أسألوا كم كسبت الاسكندرية ومصر كلها من الكورنيش.. الحكايات كثيرة.. فإلي الغد بإذن الله تعالي.