الأهرام
ابراهيم حجازى
الفداء والمجـد والاستشهـاد... و «البرادعى»!.
كتابة فى «الأهرام» وقولاً فى برنامج «دائرة الضوء» بالنهار.. قمت بالرد على من يسألون على روح أكتوبر وأين ذهبت.. وقدمت فكرة قابلة للتنفيذ ويقينى أنها ستكون ناجحة بامتياز.. لأنها مُرْسَلَة بعلم الوصول إلى الشعب مباشرة دون وسيط ومن ثم لا مجال لتحويرها أو تحريفها أو تغيير مسارها!. على فكرة الإعلام هو الوسيط!!

الفكرة مقدمة إلى الجهتين المعنيتين بها. الأولى إدارة التوجيه المعنوى بالقوات المسلحة.. والثانية إدارة الإعلام والعلاقات العامة بوزارة الداخلية.

القضية الأعظم التى تدور حولها الفكرة هى الاستشهاد.. الذى هو أقدس وأعظم وأنبل عمل يمكن أن يقوم به إنسان.. تجاه الوطن!.

تلك الشهادة المقدسة فى أى مكان بالعالم.. تم «اللعب» فيها هنا من الكارهين لبلدهم غير المؤمنين بوطنهم مع من يريدون إسقاط الدولة.. «يعنى» إسقاط الجيش والشرطة والقضاء والأجهزة السيادية.. على أن يقوموا هم «بسلامتهم» ببناء دولة جديدة بعد ذلك!. هم بالطبع يريدون إسقاط مصر بلا رجعة.. لعلمهم وعلمنا عن تجربة عملية بعد 25 يناير.. عقب حرق الإخوان لأقسام الشرطة والإنهاك الذى تعرضت له الشرطة بخطة محكمة.. رأينا مخطط الفوضى يطل برأسه.. رأينا اللجان الشعبية تحكم الشارع.. وكل لجنة وهواها!. رأينا بشاير تنظيمات مسلحة «قطاع خاص»!. رأينا أياماً «سودة» من الفزع وعدم الطمأنينة فى الفترة التى ترنحت فيها الشرطة أمام تركيز الإخوان ومجموعات شبابية بعينها.. لأجل إسقاطها!. رأينا بشاير الفوضى التى يريدونها لمصر.. بمجرد أن الشرطة ابتعدت أياماً.. فما بالنا لو أنهم اسقطوا الدولة.. جيش وشرطة وقضاء إلى آخره.. النتيجة بحور دم فى كل مصر.. لا قدر الله!.

الذين يريدون إسقاط الدولة.. إخوان ومشتقات الإخوان وكل من سافر وتدرب وتم تجنيده لخيانة بلده.. كل هؤلاء تضيرهم عقيدة القوات المسلحة المقدسة.. النصر أو الشهادة!. هم يكرهون تلك العقيدة.. لأنها حماية مقدسة لوطن وهم لا يؤمنون أصلاً بالوطن!. .. ولذلك حربهم القذرة بالشائعات والأكاذيب هدفها النيل من أنبل عمل مقدس للإنسان.. للاستشهاد!.

وسط هذا العبث المدروس من الذين يكرهون الوطن ومن عليه.. كان التركيز على تسطيح وتهميش عملية الاستشهاد.. وفى هذا خطر شديد!. حدث هذا ويحدث ذلك.. والإعلام أغلبه يتفرج.. ومن هنا الفكرة والاقتراح اللذان ينهيان دور الإعلام كوسيط.. لأنها من الجيش والشرطة إلى الشعب مباشرة!.

فى ذكرى يوم استشهاد كل شهيد.. تذهب جماعة عسكرية يقودها ضابط.. إلى منزل الشهيد فى القرية أو النجع .. فى الكفر وفى المدينة.. وأمام المنزل يضرب «البروجى» نوبة شهيد.. وعلم مصر مرفوع وسيبقى بإذن الله!. بعدها يدخل الضابط المنزل ويقدم هدية رمزية.. مع بطاقة تحمل كلمات الامتنان موقعة ولما لا من رئيس الجمهورية.

هذا الإجراء يعيد روح أكتوبر!. هذا الإجراء يرسخ فى عقول وقلوب أطفالنا قدسية الاستشهاد!. الطفل بدون وسائط.. تعلم من الشارع أن الشهادة عظيمة!. تعلم ذلك وهو يشاهد الضابط وجنوده عندهم فى الحارة الضيقة أو القرية الصغيرة.. الطفل بنفسه هو الذى رأى!. هو الآن عرف أن والد صديقه الذى مات.. عرف أنه شهيد والشهادة أعلى درجات البطولة والشهداء أحياء عند ربهم فى السماء.. وفى موعد استشهادهم نتذكرهم على الأرض!. الطفل الصغير عرف أن الشهيد «حاجة عظيمة»!.

تعالوا نبدأ.. لأجل أن نعيد للذاكرة المصرية ما نسيته!. تخيلوا أبناء كل حى وكل قرية وهم يفتخرون بما قدموه من شهداء هم لم يكونوا يعرفون عنهم شيئاً!.

الفكرة كلها إيجابيات وأهم ما فيها أنها من الجيش والشرطة إلى الشعب دون وساطة!.

الضابط وجنوده فى زيارتهم لبيت الشهيد فى ذكرى استشهاده.. هم فى الواقع يعطون للشعب.. تمام الامتنان وتمام الاستعداد وتمام التقدير لأهالينا فى كل حى وكل حارة وكل قرية وكل مكان!.

يعطون «التمام» لمن قدموا أغلى ما يملكون للوطن شهداء!.

فى انتظار الرد.

.................................................

>> دُولْ سهرانين و دُولْ سهرانين!.

دُولْ شباب و دُولْ شباب!

لكن الفارق بينهما نفس الفارق بين الأرض والسماء!.

مِين هُمَّه دُولْ.. وإيه الحكاية بالضبط؟.

الحكاية رأيتها أمام عينى وقت اجتاح الحزن كيانى وأنا أسمع منذ أيام.. خبر استشهاد 12 مقاتلاً من جيش مصر بسيناء فى حربهم ضد الإرهاب!.

مصريون فى عز الشباب يقدمون أرواحهم فداء للوطن.. ولا تكون مصر مُبَاحة مستباحة لجماعات التكفير والإرهاب أياً كانت مسمياتها لأنها كيان واحد خرج من رَحِم جماعة الإخوان الإرهابية!.

لو لم تكن 30 يونيو 2013 لكانت ولاية سيناء الإسلامية مُعْلَنة ومُعْترف بها من أمريكا والغرب فى يوليو 2013.

30 يونيو نسفت المؤامرة من جذورها.. لكن جيوب التآمر مازالت موجودة وفى خدمتها دولارات بالملايين وأسلحة بلا حدود ودعم مخابراتى من عدة دول تكرهنا كراهية التحريم!.

شباب يقدم روحه ليفدى الوطن مصر من أن تكون على أرضها بحور دم لا تجف.. وصراعات دامية لن تتوقف وكيف تتوقف وأطراف الصراعات تقف خلفهم دول تمدهم بالمال والسلاح لأجل تمزيع أواصر مصر!.

القضية التى لم تعد تحتمل غض البصر.. هى تجاهلنا لعظمة التضحية بالروح فداء للوطن وكأن ما يحدث أمر عادى لا يجب التوقف أمامه أو الاهتمام به!. القضية هى محاولة البعض إلهاء الرأى العام عن قدسية الاستشهاد فى سبيل الوطن وتصوير الحرب ضد الإرهاب على أنها مجرد كراهية متبادلة وعنف يُولِّد عنفاً وليست حرباً مقدسة يخوضها جيش الوطن ضد جماعات إرهابية تريد فرض إرادتها المدعومة بالسلاح والمال والخبرات المخابراتية لأجل أن تكون مصر مسرحاً للفتن الطائفية والمذهبية والعرقية وكلها تصب فى الهدف المعلن والمحدد مسبقاً.. التقسيم لدويلات وإمارات لنبقى العمر كله فى صراعات دموية!.

فى غياب إعلام الدولة المنوط به إعلاء قيمة الولاء والانتماء والفداء.. أصبح مردود الاستشهاد غير موجود وكأن الشهادة شىء كأى شىء!. كأن من قدم روحه للوطن.. مثل الذى فقد عمره فى حادث سير أو سقط من فوق عمارة أو دهسه توكتوك.. وهنا مكمن الخطورة!.

أنا لا أقلل من خسارة الوطن لأى مصرى فى حادث!. ولا أنكر حزننا على كل مصرى نفقده فى حادث!. ولا احترامنا لحياة كل مصرى.. لكن!.

عندما تكون حرب إرهاب هدفها إسقاط مصر لا إسقاط نظام.. علينا إعلاء واحترام القيمة المقدسة لمن يقدمون أرواحهم فداء للوطن!. من يموتون لأجل أن نعيش!. من يمسكون على عقيدتهم القتالية.. النصر أو الشهادة.. لتبقى مصر!.

الخطورة كل الخطورة.. التقليل من قدسية الشهادة!. هناك حملة منظمة لترسيخ هذا الفكر المنحرف فى ذهن الرأى العام!. فى جدالهم الذى يجيدون أساليبه.. يقولون: هذا واجبهم وعليهم القيام به!. وأنا وأى مصرى يعرف ويدرك أن واجب جيش مصر حماية مصر وشعب مصر. وأنا وكل مصرى نعلم أن عقيدة جيش مصر.. النصر أو الشهادة.. شرط!.

مقابل هذه العقيدة التى تقدم حياتها لأجل أن نعيش.. لابد أن يكون المردود هو نفسه مردود احترام كل شعوب العالم لجيوشها!. لابد أن يكون المردود ــ على أقل تقديرــ احترام بلا حدود لهذا الجيش العظيم.. الذى شهد له رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فى حديثه الصحيح.. بأنهم خير أجناد الأرض وفى رباط إلى يوم الدين!. على أضعف الإيمان يكون مردودنا فى احترام جيشك يا مصر.. قريب من شهادة رسول الله صلى عليه وسلم!.

يكون مردودنا لقدسية الاستشهاد.. فيه ما يغرس هذه القيمة المقدسة فى نفوس وعقول وصدور أطفالنا وشبابنا الموجود أمامهم من يضحون بأرواحهم لأجل مستقبل أفضل لهم!. أطفال أوشباب رأوا الدرس من وقائع عملية على الأرض.. لأجل رفعة شأن الوطن!. عندما يدرك الطفل والشاب قدسية الاستشهاد.. يدرك كل ما هو أقل فى المكانة وكبير فى النتائج!. يدرك أنه لابد أن يجتهد ويتفوق فى دراسته لاحتياج الوطن للمتفوقين!. يخلص فى عمله لأن الوقت لايتحمل إلا الإخلاص!. يستغنى عن كل الكماليات لأن الظروف الاقتصادية لا تتحمل تكلفة أى رفاهية!. يبادل الكراهية التى يروجون لها بالحب لأن الوطن فى حاجة لكل مصرى!. يكون إشعاع أمل لا بئر تيئيس!.

شىء مما يجب أن يكون لم يحدث.. والساحة متروكة لمن يشيعون الفوضى بالأكاذيب والشائعات والعنف وبث الكراهية!. الساحة خالية لمن باتوا يشكلون مزاج الرأى العام!. الساحة مفتوحة أمام من كان تعليقه على استشهاد 12 بطلاً من جيش مصر.. أن الوقت قد حان لوقف هذا العنف!. صاحب المقولة هو د. البرادعى.. الذى أغفل عامداً متعمداً أنها حرب ضد الإرهاب.. حرب يخوضها جيش مصر ضد فصائل إرهابية الله وحده الأعلم بعددها مدعومة بسلاح الغرب ومال بلا حدود بموافقة الغرب لأجل أن تكون مصر ومدن مصر.. حالها من أرض سوريا ومدن سوريا!. الدكتور البرادعى أغفل الحقيقة وصور الأمر على أنه مثل أى معركة ثأر بين عائلتين والوقت حان للصلح ووقف العنف!.

كلام د. البرادعى الذى يبدو ساذجاً وآسف إن قلت عبيطاً.. هو فى الواقع لا ساذج ولا عبيط إنما رسالة سلبية بالغة الخطورة.. لأهالينا فى القرى والنجوع والكفور.. أهالينا الذين هم أهالى جيشك يا مصر..

خطورة وقذارة الرسالة .. فى أنها تخاطب كل أب وكل أم لهم جندى أو صف ضابط أو ضابط فى الجيش.. تخاطبهم وقت استشهاد 12 بطلاً فى سيناء!. تخاطبهم وقت حزن على فراق. وقت تستطيح قيمة وقدسية الاستشهاد لدى الرأى العام!. تخاطبهم لتغرس وقت الحزن فى النفوس بذرة شك فى أعظم قضية وطنية!. د.البرادعى يزرع الشك فى إنها قضية وطن وأنها ليست حرباً ضد إرهاب يريد القضاء على وطن.. بل هى عداء وكراهية وحان الوقت لإنهائها!. البرادعى رسالته لأهالينا وليست لرواد الفيسبوك.. رسالته أن ينقلب الشعب على جيشه باعتبار ما يحدث فى سيناء كراهية وعداء وليس حرباً ضد الإرهاب!.

كلمات د. البرادعى التى جاء الرد عليها عنيفاً من رواد الفيسبوك.. هى رسالة لقطاع معين.. الهدف منها الوقيعة بين صفوف الشعب!.

رسالة البرادعى وغيرها من تلك الرسائل الموجهة.. تظهر فى أوقات بعينها وتحمل عبارات محددة أظنها منظومة مخابراتية.. والخطورة أنه لا يوجد من يُعلِم الداخل بحقيقة هذه الرسائل الخطيرة!.

الكلام أخذنى فى السطور الكثيرة السابقة.. وأعود وحضراتكم إلى بداية المقال والسطر الأول الذى قلت فيه: دُولْ سهرانين ودُولْ سهرانين!.

الأربع كلمات السابقة عنوان السطور التالية التى وجدت نفسى أكتبها وسط مشاعر الحزن على استشهاد الـ 12 مقاتلاً ووسط مشاعر القرف من بعض التعليقات التى قرأتها على مواقع التواصل الاجتماعى ولا تستحق الذكر أو حتى الرد.. وعليها أقول:

شباب من نفس العمر لكنهم مختلفين...

دُولْ فى بيوتهم مرتاحين دفيانين....

تمامهم فى الكافيهات والبارات سهرانين...

يتكلموا من غير ما يسمعوا.. يكرهوا يكدبوا.. الأهم إنهم رافضين...

رافضين إيه مش مهم .. الأهم يتقال عليهم معارضين...

..................

..................

و دُولْ من كل أرضك يا محروسة .. فى جيشك يا مصر موجودين...

جنود.. صف .. ضباط.. حياتهم فدا كل المصريين...

ليل.. نهار.. حر .. برد.. ما يفرقش .. هما صاحيين سهرانين لأجل ننام فى بيوتنا مطمنين...

يفدوا الوطن بعمرهم مش مهم.. الأهم مصر تفضل حرة ليوم الدين...

..................

..................

دُولْ فى الكافيهـــات بيسهروا وينَظَّــروا طول الليل سهرانين...

و دُولْ على أرضك يا سيناء فى مواجهة الإرهاب ما بتنام لهم عين...

دُولْ بالشائعات والفتن والشتيمة والكراهية.. عصابة كتائب الكترونية...

و دُولْ بالشهادة والفداء والمجد.. حُماة الوطنية المصرية...

تحيــــة إلــــى جيش مصـــــر العظيــــــم

فـــى الأمس واليـــوم والــغد وكل غـد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف