في 17 من الشهر الماضي أشرت إلي ظاهرة تزايد حركة الشاحنات والنقل الثقيل والخلاطات الأسمنتية بالطرق الداخلية لمدينة 6 أكتوبر بالجيزة وما تمثله من خطورة علي أرواح المارة وعلي سلامة العقارات وشبكات البنية التحتية والطرق وأعقب ماتناولته رد من الوزارة المعنية "الاسكان والمجتمعات العمرانية" شرحت فيه جهودها للتغلب علي هذه المشكلة.
واليوم أتطرق إلي ظاهرة يئن منها سكان "أكتوبر" ولم تنجح الجهود الفردية في التصدي لها والحد منها رغم ماتمثله من تهديد لمنظومة السلم الاجتماعي داخل الأحياء السكنية "عالية الكثافة" كالحي السادس والثاني عشر والعاشر وغيرها التي كادت تنتشر فيها البؤر العشوائية بل والاجرامية بصورة يصعب علاجها..
فمع تنامي أعداد مكاتب "السمسرة" أو التسويق العقاري بالمدينة بات السمسار هو الحاكم بأمره يفرض علي سكان العقار شريحة غريبة من المستأجرين مستغلاً الصلاحية التي يمنحها له مالك الشقة الأصلي لتأجير العين وكل ما يشغله أن يصله منه ايجارها بانتظام ولا يريد أن يظهر في الصورة!!
إنني أدعو رئيس المدينة للنزول والتجول في تلك الأحياء ليري ويسمع بنفسه معاناة السكان الأصليين من المستأجرين الدخلاء. فصدق أو لا تصدق عزيزي المسئول لو علمت أن شقة مساحتها 65 متراً يعيش فيها أكثر من عشرين عاملاً ــ يقفز العدد للضعف في بعض الأحيان ولا تتعجب ــ لتجد مجموعات تصعد وتهبط ثلاث مرات في اليوم بحسب ورديات المصنع وباب "إن أُغلِق" يقابل بعاصفة من "الخبط" و"الرذع" والخلع!!
مجموعات تجد من بينهم المسطول والبلطجي الذي لا يتوقف عن الشجار والسباب لتتحول الشقة إلي "حلبة مصارعة" دون مراعاة لحق جار نائم أو مريض... وسلوكيات مرفوضة لا يسلم منها سكان العقار أو العقارات المحيطة تبدأ بالقاء القمامة وتنتهي بخدش الحياء! وحين يحتدم الصدام بينهم وبين السكان يأتي مشرف المصنع التابعين له ليفض الاشتباك ويقدم الاعتذار ويتعهد بأنه وأنه ثم تعود ريمة لعادتها. وحين تسأله عن اسم المكتب الذي استأجرت منه الشقة يعطيك أي اسم حتي لا تجد من تراجعه وتحاسبه ليبقي الوضع البائس المؤلم "ثكنة" عمالية داخل شقة في عمارة سكنية كل قاطنيها من الأسر المحترمة والعائلات!
يا جهاز المدينة مثلما توجهون الحملات وتوقعون أشد الغرامات علي من يخالف قواعد البناء والانشاءات ومن يغلق "بلكونة" أو يهدم جداراً. تحركوا واسحبوا فوراً الشقق المخالفة لاشتراطات السكني التي تميز بين ما هو "سكني" وما هو "تجاري". اجعلوا شرط الموافقة علي استئجار الشقق والمحلات لهذا الشخص أو ذلك للسكان أولاً والاحتفاظ لهم بحق تزويدهم بكافة البيانات المتعلقة باسم المكتب العقاري وعنوانه. اسم المالك الفعلي للعين ورقم هاتفه. اسم المستأجر الجديد..
انقذوا تلك الأحياء السكنية من جحيم العشوائية وألزموا أصحاب المصانع والشركات وغيرها بتخصيص سكن مستقل للعمالة لديهم حتي يتحقق السلام الاجتماعي في المدينة وتعود لسابق عهدها.