لم أستملح قرار أحزاب «تحالف التيار الديمقراطى» بمقاطعة المؤتمر الوطنى للشباب، ورفض دعوة المشاركة التى وجهتها رئاسة الجمهورية، المقاطعة ليست حلاً، ولا توفر حلاً، والمؤتمر فرصة سانحة لفتح دفتر أحوال الشباب المصرى جميعاً.
المقاطعة تضييع لفرصة مواتية لإعلان مواقف التيار الديمقراطى من قضايا الشباب المصرى، هى إن سنحت تنتهز إذا كان العزم أكيداً على تفكيك أزمة الشباب فى مصر، وهى تحتاج لجهد جهيد ومتكامل، وأفكار ورؤى، وتصورات قد تغيب عن منظومة الحكم فتبدع فيها عقول المعارضة إيجاباً لصالح الوطن أولاً وأخيراً.
ننعى على نظام الحكم طوال عامين الانفراد بالحكم، والعزوف عن الشراكة، وعدم التواصل مع أطياف مختلفة أو معارضة، ونعانى من التصنيف الذى يستبعد ويقصى أفكاراً وطنية نحن فى أمسّ الحاجة إلى استصحابها فى الطريق الواعر الذى تتحرك فيه قافلة الوطن بشُح الزاد والزِّوّاد.
وبُح صوتُنا فى ضرورة انفتاح الحكم على المعارضة الوطنية التى تشاركت بوطنية ثورة 30 من يونيو، والدعوات الطيبة لاتزال تذكر بوحدة صف 30 يونيو، وإلحاح وطنى على عودة لُحمة الصف، وفى الاتحاد قوة، وإذا تشتت جمعهم ذهبوا أدراج الرياح.
فإذا ما لاحت التفاتة حقيقية، وصدرت دعوة، وظهرت رغبة فى فتح الأفق السياسى من باب الشباب الذين هم مفتاح الحل لأزمات الوطن العليل، قابلوها بصدود، وصدّروا رفضاً، كنت أتصور أن حكماء التيار الديمقراطى سيحكمون المصلحة الوطنية العليا، ويشاركون بشبابهم فى هذا المؤتمر الشبابى الذى كنا نتمناه جامعاً لكل شباب الوطن، ليس حكراً على فصيل أو تيار أو جبهة.
فرصة جيدة للتلاقى على الثوابت، مع الحق كل الحق فى اختلاف السبل، فرصة لكى يعلن شباب التيار الديمقراطى رؤيتهم كاملة غير منقوصة من خلال جلسات وورش المؤتمر ليخرج عن هذا الحوار الموسع روشتة وطنية يقوم عليها وطنيون لتفكيك ما يسمى أزمة الثقة بين القاعدة الشبابية والحكم من ناحية، والأحزاب من ناحية ثانية، والسياسة بعامة.
تصور أحزاب التيار الديمقراطى أن أزمة شباب مصر فقط مع نظام الحكم اختصارٌ مخلٌّ لأزمة الشباب فى وطنهم، هناك أزمة ثقة بكل الأحزاب والتيارات والسياسات والأفكار المهيمنة، أزمة جيل، رفض جيل لكل الأجيال السابقة، جيل يرى فينا تفريطاً، ويزعم فينا تقصيراً، ويضمر لنا جميعا رفضاً، حكماً ومعارضة، وإلا لكان انفضاض الشباب عن أحزاب الموالاة يصب فى أوانى أحزاب المعارضة، لكن الشباب عازف عن هؤلاء وأولئك، عازف بالكلية ويشيح بوجهه عن جيل الشعر الأبيض.
كل ما ورد فى بيان المقاطعة على واجهته مكانه قاعات المؤتمر، من الحرية والتعبير السلمى وحق التظاهر، ومساحات الإبداع والخيال، والإفراج عن المسجونين، والبطالة وفرص العمل.. كلها كلها وأكثر كثيراً من حقوق الشباب التى هى من حقوق المواطن، كان يمكن تنزيلها من البيان وتجليسها على الأرض، ومناقشتها بين الشباب، موالاة ومعارضة، أخشى إن ضيعنا فرصةً لرأب الصدع الحادث شبابياً، الذى هو صدى للصدع الحادث سياسياً، على الأقل يفهّموا بعض، وينظرون منافع لهم بعيداً عن التحزبات الوهمية التى ابتليت بها ساحةٌ خليق بها الائتلاف لا الاختلاف.
شباب التيار الديمقراطى، لماذا لم يذهبوا جميعا ليطرحوا ورقة متكاملة تؤسس لحوار، لماذا لم تلقح أوراق المؤتمر بأفكار أخرى، لماذا لم نُتح لهؤلاء حواراً فشلنا نحن فى إنضاجه، لماذا نلزمهم بمواقفنا، ولماذا لا ندفع فى ظهورهم للمشاركة الفعالة؟، إذا كانت المعارضة تعمد إلى حرمان النظام أو تخشى استخداماً سياسياً لشباب المعارضة، وصورة يعلقها نظام الحكم على صدره، فلماذا لا تعتبرها صورة يعلقها الوطن على بابه؟..
قسمة ضيزى ما فعله بيان التيار الديمقراطى بين شباب الوطن، أخشى أننا نمارس جنايتنا على الشباب بإحن ومحن ومرارات وحزازات وثارات متخلفة عن عقود مضت، لا تجعلوا الماضى يحكم على الحاضر ويصادر المستقبل، هو للشباب وليس لكم.