شئ كبير أن يكون للإنسان قلم ولكن شيئاً نفسياً أن يكون للإنسان موقف" هكذا كانت حياة الراحلة د.نعمات أحمد فؤاد عروس النيل التي رحلت عن عالمنا منذ أيام قليلة.. ترفعت عن العروض والمناصب والبريق وهنا اعني القدرة علي الاختيار الصعب وشغلت نفسها من خلال قلمها بالدفاع عن وطنها من خلال معارك عدة سنة 1977قرر الرئيس السادات جعل "هضبة الهرم" منطقة جولف لتشجيع السياحة اقامت د.نعمات دعوي قضائية وكسبتها بجانب قلمها.. سنة 1979 قررت حكومة النمسا دفن النفايات في مصر لم تكتب د.نعمات وقتها في الصحف المصرية فحسب بل كتبت في صحف النمسا وقام الشعب النمساوي بمسيرات لمساندة د.نعمات وتراجعت النمسا عن هذا القرار. سنة 1981 جاء اسمها أمام الرئيس السادات ضمن اعتقالات سبتمبر فقال "اختشوا" ورفعوا اسمها من تلك الاعتقالات قائلاًَ"دي يدافع عشان مصر تعيش" دافعت عن الآثار الإسلامية ممثلة في قبة الحسين والاثار المصرية التي استولت عليها اسرائيل اثناء احتلال سيناء.
وعندما يغيب الإنسان عن دور يشعره بوجوده وقيمته للحياة لابد وأن تتغير ملامح شخصيته ولهذا كانت حزينة علي تغير الشخصية المصرية والاستهزاء بقدراتها العقلية الفذة وغياب ريادة ثقافيه تنهض بها وكانت دائما تتعجب عن بلاد الغلال وبها أزمة في القمح؟! ولديها نيل وطاقة بشرية من يصدق هذا؟!.
كان للرجل في حياة د.نعمات دور وأمر كبير فكان أبوها هو السند والحافز في بداية حياتها وحفظها للقرآن ثم زوجها ولتفوقها ونبوغها احيطت بكوكبة من المفكرين والأدباء والزميلات ايضا فكانت زميلة الدراسة الأذاعية امال فهمي شبها أحمد حسن الزيات بالأديبة في "زيادة" واعجب بنبوغها الأدبي العقاد.. الفت العديد من الكتب منها كتاب عمر المازني. أم كلثوم. ورامي. والعقاد. والنيل ومنحها الإيمان بالنيل وبقيمة الأرض وطينتها السمراء عشقاً من نوع فريد نشبت عاشقة لكل ما هو مصري ولذلك كان موضوع الدكتوراة عن النيل. ادرج اليونسكو احد مؤلفاتها وهو كتاب "ابنتي" إلي ترجماته وفي هذا الكتاب امتزجت مشاعر الأمومة مع نبوغ الأدب فكان من افضل الكتب المصرية التي تصف تلك المشاعر. الفت كتاباً عن "شخصية مصر" وعندما علمت أن د.جمال همدان اطلق هذا الأسم علي كتابه بادرت بتغيير الاسم ولكنه رفض وقال لها لا يادكتورة كتابي عن الجغرافيا وأنت عن التاريخ. وزاد علي كتابه وصف مصر وعبقرية المكان.
كانت في كتاباتها دائما تنظر إلي خريطة طبعتها الموسوعة البريطانية في بدايات القرن الماضي بها مقارنات لحضارات العالم القديم وهنا كان يزيد اعتزازها بمصرياتها.. لم تستطع خوض المعارك في آخر أيامها رشحت لجائزة النيل وهي أرفع الجوائز المصرية ولكنها فارقت الحياة قبل الحصول عليها.. كانت دائماً تنظر إلي النيل طوال حياتها "بأنه الكوثر والجنة شاطئه الأخضر ما اأبهي الخلد فيك يانيل".