عبد الرحمن فهمى
درس رياضي للوزارة الرشيدة
عندما تولي المرحوم محمود بدرالدين أمور اتحاد كرة القدم في أول الأربعينيات. ولاحظ أن إيرادات المباريات المحلية لا تكفي مصروفات اللعبة. لذا قرر إقامة مباريات دولية حبية مع كل فريق أجنبي يفوز ببطولة ما.. مثل بطولة كأس العالم "المونديال" أو الأولمبياد أو بطولة أوروبا.. وكانت له طريقة مبتكرة في الاتفاق مع اتحادات الكرة بهذه الدول.. كان لا يسافر قط إلي الخارج.. كان يذهب إلي سفارة الدولة الفائزة ببطولة العالم مثلاً في نفس أسبوع الفوز. ويعرض علي الملحق الثقافي دعوة مصر لفريق الكرة بكل نجومه ليلعب مباراتين. ونحن في انتظار الموافقة علي المبدأ والمواعيد والمقابل المادي.. والغريب أن كل الدول التي تمت دعوتها وافقت وحضرت بأرخص الأسعار العالمية. وبذلك كسب اتحاد الكرة الكثير. ولم يأخذ أي إعانة من الدولة. رغم أن رئيس الاتحاد أيامها كان محمد حيدر باشا. ياور الملك. ورئيس الجيش. وكان في إمكانه أخذ أي معونة من الدولة. ولكنه لم يفعل.. كانت الفرق الأبطال تعشق الحضور إلي مصر. حيث الشمس الساطعة والجو الدافئ. بعيداً عن جليد أوروبا. ثم لتري ثلث آثار العالم مجاناً. ثم يؤدي الفريق البطل مباراتين حبيتين مع فريق متواضع المستوي دولياً.
لم يرفض أي فريق دعوتنا حتي فريق المجر برئاسة بوشكاش الذي هزم انجلترا لأول مرة في تاريخها علي ملعبها بستة أهداف. ولما أرادت انجلترا مباراة ثأرية في بودابست عاصمة المجر. فازت المجر أيضاً وبسبعة أهداف.. وحضر الفريق المجري كاملاً ولعب ثلاث مباريات لا اثنتين. في القاهرة والإسكندرية والمحلة.. وهذه المباراة لها قصة غريبة.. وحضر فريق البرازيل برئاسة المعجزة بيليه مرتين إلي مصر أيضاً.. كل أبطال العالم جاءوا إلي مصر.
* * *
لماذا أكتب هذا الكلام اليوم؟!!
لأنه في نفس الوقت الذي بدأنا سياسة خفض مصروفات الدولة لأقصي حد ممكن.. أقرأ في الصحف كل يوم.. ومنذ مدة عن سفريات لا حد لها لوزراء ومسئولين!!
* * *
زمان.. أصدر أحد رؤساء الوزارات قراراً بمنع سفر أي مسئول حكومي علي نفقة الدولة إلا بقرار موقع عليه من رئيس الوزارة.. طبعاً ألغي هذا القرار بعد استقالة أو إقالة هذه الوزارة.. لماذا لا يصدر قرار مماثل ما دمنا قررنا ترشيد الإنفاق الحكومي.. الوزير أو أي مسئول يريد السفر علي نفقته الخاصة.. مع السلامة!!.. ولكن علي نفقة الدولة لا.. حتي ولا تذكرة السفر تكون مجانية أو علي نفقة الدولة. لو أردنا الانضباط في العمل!!
وإذا أردنا الترشيد فعلي الجميع