الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
كسبنا ما هو أهم من البطولة
نعم. خسرنا بطولة أفريقيا الكروية.. ولكن كسبنا ما هو أهم من أي بطولة.. كسبنا الروح القومية المتأججة المتحفزة المتوثبة التي سادت كل جماهير مصر خلال هذا الأسبوع.
لا تقل لي أهلي أو زمالك.. كان كل الناس يتمنون فوز مصر بأيدي وأرجل ورءوس الزملكاوية.. لا أعتقد أن هذا الجو المشحون طوال هذه الأيام من أجل مباراة لناد ما.. كان الكل يتمني فوز مصر.. الوجوه التي كانت تبكي بحرقة علي الشاشة لم نرها في المدرجات من قبل.. سيدات وفتيات ورجال وشباب من مصر.. لا تقل خسرنا بطولة كروية.. قل كسبنا "حقنة" حب وولاء ووفاء للأم الكبيرة مصر.. مصر كانت في أشد الحاجة إليها في هذا الوقت بالذات.
كما سبق أن كتبت أمس وأول أمس.. ومنذ سنوات طوال. الرياضة والفن من أهم أركان أي دولة.. ثم إننا لم نخسر كل شيء. لقد فزنا علي البطل في يوم عرسه.. صعد الفريق المهزوم علي المنصة. خلفنا بعد أن قمنا بهز شباكة منذ دقائق.. ولولا تردد الحكم الضعيف الذي أدار المباراة لأحرزنا الهدف الثاني من ضربة جزاء واضحة جداً. ولكن الحكم المهزوز الذي كان يحتسب أي لمسة لم يحتسب عرقلة واضحة داخل المربع المرعب بعد أن تخطي مهاجمنا كل خط الدفاع الجنوب أفريقي.. معلهش!!
لن نبكي علي اللبن المسكوب.. ولكن لا شك أن فريقنا.. ولا أقول فريق الزمالك.. فهو فريق مصر كلها.. فريقنا ساد المباراة علي مدي شوطيها. ولو كان هناك أي إحصاء لظهر تفوق الفريق في عدد الهجمات وضربات الكورنر. وامتلاك الكرة. مع قلة عدد الأخطاء "الفاول" التي لجأ إليها الخصم مادام الحكم المرعوب يحتسب كل لمسة!!!
* * *
كنا أمام مرمي الخصم في كل لحظة خلال التسعين دقيقة.. ولكن لم تدخل الكرة المرمي. رغم وجود أكثر من هداف في الفريق. لم يظهر لهم وجود!!.. حيث كنا في أشد الحاجة إليهم!!
وأريد هنا أن أروي قصة أخطر هداف مصري. اسمه حسن الشاذلي. متوسط هجوم الترسانة. وصاحب أكبر عدد من الأهداف أحرزها أي لاعب مصري طوال تاريخ الكرة المصرية. ولا حتي حسين حجازي الأسطورة. أو مختار التيتش. أو محمد الجندي. أو عبدالكريم صقر.. فضلاً عن مجموع أهدافه الرهيب. كان "هاتريك" دائماً. وإن خانته قدماه. فلا أقل من هدفين في كل مباراة. لذا سماه جليل البنداري أحد أشهر نُقاد الفن: "مدفع بعد الظهر"!!.. كانت قذائفه لها دوي المدفع.
لم يأت هذا من فراغ..
كان المرحوم حسن الشاذلي الذي بكت عليه كل الجماهير.. كان إذا ما انتهي تمرين فريق الترسانة برئاسة عم شيوي "مرتبه عشرة حنيهات شهرياً"!!!... كان الشاذلي يظل في الملعب يتمرن علي التصويب علي المرمي حتي لو لم يكن له حارس.. كان يظل يتمرن حتي بعد المغرب وحده. إلي أن يحل الظلام تماماً.. كان يساعده "البولرز" وهم أطفال التنس الذين يجمعون الكرات من خلف اللاعبين.. كانوا يجمعون له الكرات ويرمونها له بالطريقة التي يريدها.. كرة تتدحرج علي الأرض.. كرة عالية.. للتصويب بالرأس. أو لقذف الكرة العالية بعض الشيء. وهكذا.. ظل الشاذلي يتمرن وحده حتي اعتزل.. رحمه الله.
* * *
.. والشيء بالشيء يذكر.. كان هناك "بولر" يجمع الكور في ملاعب الإسكواش.. وكان هذا الولد الصغير يلعب إسكواش في نادي الجزيرة طول الليل.. يلعب وحده!!.. هذا الولد الصغير أصبح أحسن لاعب إسكواش في تاريخ اللعبة منذ الخمسينيات حتي اليوم!!!... هناك كتب عن حياته.. يقيم الآن في أمريكا.. اسمه محمود عبدالكريم.. أحد أثرياء أمريكا الآن.. لم يُهزم قط ولا مرة في حياته!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف